نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الأكل يوم النحر

          ░5▒ (بابُ الأَكْلِ يَوْمَ) عيد (النَّحْرِ) ولم يذكر الأكل هنا في وقتٍ معيَّن، كما ذكره معيناً في باب «الأكل يوم الفطر»، فإنَّه قيَّده بقوله: «قبل الخروج» [خ¦953] _يعني: إلى المصلَّى_ لأنَّ في حديث الباب: «فقام رجلٌ فقال: هذا يومٌ يُشتهى فيه اللحم» [خ¦954] ولم يقيد بوقتٍ.
          وكذلك في حديث البراء: إنَّ اليوم يوم أكلٍ وشرب [خ¦955]، ولكن يمكن أن يكون المراد من اليوم: بعض اليوم، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال:16].
          ثمَّ إنَّ هذا البعض مجملٌ، وقد فسَّره في حديث بُريدة أخرجه الترمذي والحاكم وكذا أحمد وابن ماجه بأسانيد حسنةٍ، وصحَّحه ابن ماجه وابن حبَّان قال: كان رسول الله صلعم لا يخرج يوم الفطر حتَّى يفطر، ويوم النَّحر حتَّى يرجع فيأكل من نسيكته.
          وإنَّما فرَّق بينهما؛ لأنَّ السنَّة أن يتصدَّق في عيد الفطر قبل الصَّلاة، فاستحبَّ له الأكل ليشارك المساكين في ذلك، والصَّدقة في يوم النَّحر إنَّما هي بعد الصَّلاة من الأضحية فاستحبَّ موافقتهم، وليتميَّز اليومان عمَّا قبلهما، إذ ما قبل يوم الفطر يحرم فيه الأكل بخلاف ما قبل يوم النحر.