نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول الرجل: ما صلينا

          ░26▒ (بَابُ) بالإضافة إلى (قَوْلِ الرَّجُلِ مَا صَلَّيْنَا) وفي رواية: <قول الرجل للنَّبي صلعم ما صلينا>.
          قال ابن بطَّال: فيه ردٌّ لقول إبراهيم النَّخعي: يكره أن يقول الرجل لم نُصلِّ، ويقول نصلي.
          وقال الحافظ العسقلاني: وكراهة النخعي إنما هي في حقِّ منتظر الصلاة، وقد صرَّح ابن بطَّال بذلك، ومنتظر الصَّلاة في صلاة، كما ثبت بالنَّصِّ فقول المنتظر: ما صلَّينا، يقتضي نفي ما أثبته الشَّارع، فلذلك كرهه، والإطلاق الذي في حديث الباب إنما كان مِن نَاسٍ لها، أو مشتغلٍ عنها بالحرب، كما تقدَّم تحقيقه في باب «من صلى بالنَّاس جماعة بعد خروج الوقت»، في أبواب المواقيت [خ¦596]، فافترق حكمهما، والذي يظهر لي أنَّ البخاري أراد أن ينبِّه على أنَّ الكراهة المحكيَّة عن النَّخعي ليست على إطلاقها لِمَا دلَّ عليه حديث الباب، ولو أراد الرَّد على النخعي مطلقاً لأفصح به كما أفصح بالردِّ على ابن سيرين في ترجمة «فاتتنا الصلاة» [خ¦10/20-1015] انتهى.
          ثمَّ إنَّ اللَّفظ الذي أورده المؤلِّف وقع النفي فيه من قول النبي صلعم لا من قول الرجل، لكن في بعض طرقه وقع ذلك من الرجل أيضاً وهو عمر ☺ كما أورده في المغازي [خ¦945] [خ¦4112]، وهذه عادة معروفة للمؤلِّف يترجم ببعض ما وقع في طرق الحديث الذي يسوقه، ولو لم يقع في الطريق التي يوردها في تلك الترجمة، ويدخل في هذا ما أخرجه الطَّبراني من حديث جندب في قصة / النَّوم عن الصلاة، فقالوا: يا رسول الله سهونا فلم نصلِّ حتى طلعت الشمس.
          وقال الكرماني: وما يظهر من كلامه أن مطابقة الحديث للترجمة في قوله: ((ما كدت أن أصلي)) وهو في معنى «ما صلَّيت» بحسب العرف، فهذا قول عمر للنَّبي صلعم ولعلَّه أوجه من الوجه السَّابق.