إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أي الأعمال أحب إلى الله؟

          6465- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ) بن البِرِنْد(1) قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) بسكون العين، ابن عبد الرَّحمن بن عوفٍ الزُّهريِّ، قاضِي المدينة (عَنْ) عمِّه (أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (عَنْ عَائِشَةَ ♦ أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلعم ) بضم السين مبنيًّا للمفعول، ولم أعرف اسم السَّائل (أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ) فإن قلتَ: المسؤولُ عنه أحبُّ الأعمال، وظاهرُه: السُّؤال عن ذاتِ العملِ، والجوابُ وَرَدَ بأدوم، وهو صفةُ العمل فلم يتطابقَا؟ أُجيب باحتمالِ أن يكون هذا السُّؤال وقعَ بعد قولهِ في الحديثِ السَّابق في «الصَّلاة» [خ¦527] و«الحجِّ» [خ¦1519] وفي «برِّ الوالدين» [خ¦5970] حيثُ أجاب بالصَّلاة ثمَّ بالبرِّ(2)... إلى آخره، ثمَّ ختمَ ذلك بأنَّ المداومةَ على عملٍ من أعمالِ البرِّ _ولو كان مفضولًا_ أحبُّ إلى اللهِ من عملٍ يكون أعظم أجرًا، لكن ليس فيه مداومةٌ، قاله في «الفتح».
          (وَقَالَ) ╕ _بالسَّند السَّابق_: (اكْلَـُفُوا) بهمزة وصل وفتح اللام في الفرعِ، وتُضم (مِنَ الأَعْمَالِ) كالصَّلاة والصِّيام وغيرهما من العبادات، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي(3): ”من العمل“ (مَا تُطِيقُونَ) «ما» مصدريَّة، أي: قدر طاقتكُم، أو موصولة، أي: الَّذي تطيقونه، أي: ابلغوا بالعملِ غايته الَّتي تطيقونهَا مع الدَّوام من غير عجزٍ / في المستقبلِ، ولا ريبَ أنَّ المُديم للعملِ ملازمٌ للخدمةِ، فيكثرُ تردادُه إلى باب الطَّاعة في كلِّ وقتٍ، فيجازى بالبرِّ لكثرة تردُّده، فليس هو كمَن لازمَ الخدمةَ مثلًا ثمَّ انقطعَ، وأيضًا فإنَّ العاملَ إذا تركَ العمل صار كالمُعْرِض فيتعرَّض للذمِّ والجفاءِ.


[1] في (د): «بن يزيد».
[2] في (ص): «الخبر».
[3] «عن المُستملي»: ليست في (د).