إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عروة: أخبرتني عائشة أنها كانت ترجل رأس رسول الله

          296- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بن يزيد التَّميميُّ(1) الرَّازي الفرَّاء، يُعرَف بالصَّغير (قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) الصَّنعانيُّ من أبناء الفرس أكبر اليمانيِّين وأحفظهم وأتقنهم، المُتوفَّى سنة سبعٍ وتسعين ومئةٍ (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) بضمِّ الجيم وفتح الرَّاء، نُسِب لجدِّه لشهرته به، واسمه: عبد الملك بن عبد العزيز، المكيَّ القرشيَّ الموصليَّ، أصله روميٌّ، أحد العلماء المشهورين، قِيلَ: هو أوَّل من صنَّف في الإسلام / ، المُتوفَّى في سنة خمسين ومئةٍ (أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (هِشَامٌ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت: ”هشام بن عروة“ (عَنْ) أبيه (عُرْوَةَ) بن الزُّبير بن العوَّام (أَنَّهُ) أي: عروة (سُئِلَ) بضمِّ أوَّله وكسر ثانيه (أَتَخْدُمُنِي الحَائِضُ أَوْ تَدْنُو) أي: تقرب (مِنِّي المَرْأَةُ وَهْيَ جُنُبٌ؟) يستوي فيه المُذكَّر والمُؤنَّث والواحد والجمع؛ لأنَّه كما قال جار الله: اسمٌ جرى مجرى المصدر، الذي هو الإجناب(2)، والجملة اسميَّةٌ حاليَّةٌ(3)(فَقَالَ عُرْوَةُ: كُلُّ ذَلِكَ) أي: الخدمة والدُّنوُّ (عَلَيَّ هَيِّنٌ) بتشديد المُثنَّاة وقد تُخفَّف، أي: سهلٌ، ولابن عساكر: ”كلُّ ذلك هيِّنٌ“ (وَكُلُّ ذَلِكَ) أي‼:الحائض والجنب، و«كلُّ» رُفِعَ بالابتداء أو منصوبٌ على الظَّرفيَّة، وجازت الإشارة بذلك إلى اثنين كقوله تعالى: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ }[البقرة:68](تَخْدُمُنِي وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ) أي أنا وغيري (فِي ذَلِكَ بَأْسٌ) أي: حرجٌ (أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ) ♦ (أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ رَسُولِ اللهِ) أي: شعر رأسه، وفي رواية غير(4) أبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر: ”تعني: رأس رسول الله“ ( صلعم وَهِيَ حَائِضٌ) بالهمز، والجملة حاليَّةٌ، ولم يقل: حائضةٌ _بالتَّاء_ لعدم الإلباس؛ لاختصاصالحيض بالنِّساء (وَرَسُولُ اللهِ صلعم حِينَئِذٍ) أي: حين التَّرجيل (مُجَاوِرٌ) أي(5): معتكفٌ (فِي المَسْجِدِ) المدنيِّ(6)(يُدْنِي) بضمِّ أوَّله، أي: يقرِّب (لَهَا) أي: لعائشة (رَأْسَهُ) الشَّريف (وَهْيَ فِي حُجْرَتِهَا) بضمِّ الحاء المُهمَلة، جملةٌ حاليَّةٌ (فَتُرَجِّلُهُ وَهْيَ حَائِضٌ) أي: فترجِّل شعر رأسه والحال أنَّها حائضٌ.
           واستُنبِط منه: أنَّ إخراج المعتكف جزءًا منه كَيَدِه ورأسه غير مبطلٍ لاعتكافه، كعدم الحنث في إدخال بعضه دارًا حلف لا يدخلها، وجوازُ مُباشَرة الحائض، وأمَّا النَّهيُ في آية { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ }[البقرة:187] فعنى(7) الوطء أو ما دونه من دواعي اللَّذَّة لا المسِّ، وألحق عروة الجنابة بالحيض قياسًا بجامع الحدث الأكبر، بل هو قياسٌ جَلِيٌّ لأنَّ الاستقذار بالحائض أكثر من الجنب.
          ورواة هذا الحديث ما بين مروزيٍّ وصنعانيٍّ ومكيٍّ ومدنيٍّ(8)، وفيه: التَّحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة والقول.


[1] في (د) و(م) و(ج): «التَّيميُّ».
[2] في (م): «الاجتناب».
[3] «حاليَّة»: سقط من (د).
[4] «غير»: سقط من (ص).
[5] ليست في (م).
[6] في (د): «النَّبويِّ».
[7] في (ص) و(م) و(ج): «يعني».
[8] «ومدنيٍّ»: سقط من (د).