إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني

          3698- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكيُّ، وسقط «ابن إسماعيل» لأبي ذَرٍّ، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاحُ بنُ عبدِ الله اليَشكُريُّ قال: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ) بفتح الميم والهاء بينهما واو ساكنة آخره موحَّدة، كذا في الفرع و«النَّاصريَّة»، وفي «الفتح» بكسر الهاء(1)؛ مولى بني تميم البصريُّ التَّابعيُّ الوسط من طبقة الحسن البصريِّ (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ مِصْرَ) لم يعرفه الحافظُ ابنُ حَجَرٍ، نعم قال في «المقدمة»: قيل: إنَّه يزيد بن بشر السَّكْسَكيُّ (حَجَّ) ولأبي ذَرٍّ: ”وحجَّ“ (البَيْتَ) الحرامَ (فَرَأَى‼ قَوْمًا جُلُوسًا) أي: جالسين لم يُسَمَّوا (فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ القَوْمُ؟ قَالَ) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فقال“، وله عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فقالوا“: (هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ) لم يُسَمَّ المجيبُ أيضًا (قَالَ: فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ) الذي يرجعون إليه؟ (قَالُوا): هو (عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ) بنِ الخطَّاب (قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي) عَنْهُ (هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ) غزوةِ (أُحُدٍ؟ قَالَ) ابن عمر: (نَعَمْ، فقَالَ) أي: الرَّجلُ، ولأبي ذَرٍّ: ”قال: هل“ (تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ) بالغين المعجمة (عَنْ) غزوة (بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ؟) وقعتَها (قَالَ) ابنُ عمرَ: (نَعَمْ، قَالَ) الرَّجل: هل (تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ) تحت الشَّجرة في الحديبيَّة (فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ) ابن عمرَ: (نَعَمْ، قَالَ) الرَّجلُ: (اللهُ أَكْبَرُ) مستحسِنًا لجواب ابنِ عمرَ؛ لكونه مطابقًا لمعتَقَدِه (قَالَ ابْنُ عُمَرَ) مُجيبًا له؛ ليزيل اعتقادَه: (تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ) بالجزمِ (أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ / أُحُدٍ؛ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللهَ) ╡ (عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ) في قوله: {وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}[آل عمران:155] (وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ) كذا في الفرع: «كان» بغير تاء تأنيث(2)، وفي «اليونينيَّة» و«النَّاصرية» وغيرهما: ”كانت“ (تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلعم ) رُقَيَّةُ؛ براءٍ مضمومة وقاف مفتوحة وتحتيَّة مُشدَّدة (وَكَانَتْ مَرِيضَةً) فأمرَه النَّبيُّ صلعم بالتَّخلُّف هو وأسامةُ بنُ زيدٍ كما في «مستدرك الحاكم»، وأنَّها ماتت حين وصل زيدُ بن حارثةَ بالبِشارة، وكان عمرُها عشرين سنة (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ) فقد حصل له المقصودُ الأُخرويُّ والدُّنيويُّ (وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، فَلَو كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ) ╕ (مَكَانَهُ) أي: مكَان عثمان (فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم عُثْمَانَ) إلى أهل مكَّة؛ ليُعلِمَ قُريشًا أنَّه إنَّما جاء معتمرًا لا مُحارِبًا (وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرُّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ) فشاع في غَيبةِ عثمان أنَّ المشركين تعرَّضوا لحرب المسلمين، فاستعدَّ المسلمون للقتال، وبايعَهُم النَّبيُّ صلعم حينئذٍ تحت الشجرة ألَّا يفِرُّوا (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم بِيَدِهِ اليُمْنَى) أي: مشيرًا بها: (هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ) أي: بدلُها (فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ) اليسرى (فَقَالَ هَذِهِ) البيعةُ (لِعُثْمَانَ) أي: عنه، ولا ريبَ أنَّ يَده صلعم لعثمان خيرٌ مِن يدِهِ لنفسِه (فَقَالَ لَهُ) أي: للرجل (ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا) أي: بالأجوبة التي أجبتُك(3) بها (الآنَ مَعَكَ) حتى يزول عنك ما كنتَ تعتقِدُه من عيب عثمان.


[1] الذي في «الفتح»: بفتح الهاء، على وزن جعفر. انتهى وهو الصواب.
[2] «تأنيث»: مثبتٌ من (س).
[3] في (ص): «جئتك».