إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده

          3141- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهد قال: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ المَاجِشُونِ) بكسر الجيم وضمِّ الشِّين المُعجَمة، بالفارسيَّة: المُورَّد(1)، واسمه: يعقوب (عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ) إبراهيم (عَنْ جَدِّهِ) عبد الرَّحمن‼ أنَّه (قَالَ) سقط لفظ «قال» لأبي ذرٍّ: (بَيْنَا) بغير ميمٍ (أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ) وقعة (بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ) ولأبي ذرٍّ: ”نظرت“ (عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي) ولأبي ذرٍّ: ”وعن(2) شمالي“، وجواب «بينا» قوله: (فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا) بالرَّفع فاعل «حديثةٍ» وهي(3) جرُّ(4) صفةٍ لغلامين، ويجوز الرَّفع، والغلامان: معاذ بن عمرٍو ومعاذ ابن عفراء كما في الحديث (تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ) بفتح الهمزة وسكون الضَّاد المُعجَمة(5) وبعد اللَّام المفتوحة عينٌ مُهمَلةٌ، أي: أشدَّ وأقوى (مِنْهُمَا) أي: من الغلامين لأنَّ الكهلَ أصبرُ في الحروب، ولابن عساكر وأبي(6) ذرٍّ عن الحَمُّويي: ”أصلحَ“ بصادٍ وحاءٍ مُهمَلتين (فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا) أي: الغلامين / (فَقَالَ: يَا عَمِّ، هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟) هو عمرو بن هشامٍ فرعون هذه الأمَّة (قُلْتُ: نَعَمْ. مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ صلعم ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ) بفتح السِّين المُهمَلة فيهما، أي: لا يفارق شخصي شخصَه (حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا) باللَّام لا بالزَّاي، أي: الأقرب أَجَلًا (فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقَالَ لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ) بفتح الهمزة والشِّين المُعجَمة بينهما نونٌ ساكنةٌ آخرهُ مُوحَّدةٌ، أي: فلم ألبث (أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ) بالجيم، وفي «مسلمٍ»: «يزول» بالزَّاي بدلها، أي: يضطرب في المواضع، لا يستقرُّ على حالٍ (قُلْتُ) ولأبي ذرٍّ: ”فقلت“: (أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام، للتَّنبيه والتَّحضيض (إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي) أي: عنه (فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا) أي: سبقاه مُسْرِعَين (فَضَرَبَاهُ) بهما (حتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهُ صلعم فَأَخْبَرَاهُ) بقتله (فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ) ╕ ، ولأبي ذرٍّ ”قال“: (هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا(7)) أي: من الدَّم (قَالَا: لَا) لم نمسح(8) (فَنَظَرَ) ╕ (فِي السَّيْفَيْنِ) ليرى ما بلغ(9) الدَّم من سيفيهما، ومقدار عمق دخولهما في جسد المقتول، ليحكم بالسَّلَب لمن كان أبلغ، ولو مسحاه لَمَا تبيَّن المراد من ذلك(10) (فَقَالَ) ◙ : (كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ) أي: سَلَبُ أبي جهلٍ (لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ) بفتح العين وسكون الميم، و«الجَمُوح» بفتح الجيم وضمِّ الميم وبعد الواو حاءٌ مُهمَلةٌ، لأنَّه هو الَّذي أثخنه (وَكَانَا) أي: الغلامان (مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ) بفتح العين المُهمَلة وبعد الفاء السَّاكنة راءٌ ممدودًا، وهي أمُّه، واسم أبيه الحارث بن رفاعة (وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ) وإنَّما قال: «كلاكما قتله» وإن كان أحدهما هو الَّذي أثخنه تطييبًا لقلب الآخر، وقال المالكيَّة: إنَّما أعطاه لأحدهما لأنَّ‼ الإمام مُخيَّرٌ في السَّلَب يفعل فيه ما يشاء، وقال الطَّحاويُّ: لو كان يجب للقاتل لكان السَّلَب مُستحَقًّا بالقتل، ولكان جعله بينهما لاشتراكهما في قتله، فلمَّا خصَّ به أحدهما دلَّ على أنَّه لا يُستحَقُّ بالقتل، وإنَّما يُستحَقُّ بتعيين الإمام. انتهى. وجوابه ما سبق.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «المغازي» [خ¦3988] وكذا مسلمٌ، وزاد في رواية أبي ذرٍّ هنا: ”قال محمَّدٌ“ يعني: البخاريَّ: ”سمع(11) يوسفُ“ أي: ابن الماجِشون ”صالحًا، وسمع إبراهيمُ أباه“ عبد الرَّحمن بن عوفٍ، ولعلَّه أشار بهذه الزِّيادة إلى الرَّدِّ على من قال: «إنَّ بين يوسف وصالحٍ رجلًا(12) وهو عبد الواحد بن أبي عونٍ(13)» فيكون الحديث منقطعًا.


[1] في (د): «الورد».
[2] في غير (ب) و(س): «عن»، والمثبت موافقٌ لهامش «اليونينيَّة».
[3] «وهي»: ليس في (م).
[4] في (م): «بالجرِّ».
[5] في (د): «المهملة» وليس بصحيحٍ.
[6] في (م): «ولأبي».
[7] في (ص): «سيفكما»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[8] في (ب) و(س): «نمسحهما».
[9] زيد في (م): «من».
[10] في (ب): «بذلك».
[11] في (ص): «سمعت» وهو تحريفٌ.
[12] في (د1) و(ص) و(م): «رجلٌ» ولا يصحُّ.
[13] في (م): «عوفٍ» وهو تحريفٌ.