إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث البراء: وكان عندهم ضيف لهم فأمر أهله أن بذبحوا

          6673- (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريِّ بالسَّند السَّابق إليه، وسقط ذلك لأبي ذرٍّ(1) (كَتَبَ إِلَيَّ) بتشديد الياء (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالشين المعجمة المشدَّدة، المعروف ببُنْدار، ولأبي ذرٍّ: ”كتب إليَّ من محمَّد بن بشَّار“ فزاد لفظة: ”من“ وقد أوردهُ بصيغةِ المكاتبةِ، ولعلَّه لم يسمعْ منه هذا الحديث فرواه عنه بالمكاتبةِ، وقد أخرج أصلَ الحديث من عدَّة طرقٍ أخرى موصولة، كما تقدَّم في «العيدين» [خ¦955] وغيره، ولم يقع(2) له صيغة المكاتبة في «صحيحه الجامع» عن أحدٍ من مشايخِهِ إلَّا في هذا الموضعِ. نعم أخرجَ بصيغةِ المكاتبةِ كثيرًا من روايةِ التَّابعي عن الصَّحابي ومن روايةِ غير التَّابعيِّ عن التَّابعي ونحو ذلك، وقد ذُكِرَ حكمُ المكاتبةِ ومبحثها(3) في الفصلِ الثَّالث من مقدِّمة‼ هذا الشَّرح، وقد أخرجَ الحديثَ أبو نُعيم من رواية الحسين بن محمَّد قال: حدَّثنا محمَّد بن بشار بُنْدار قال: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ) التَّميميُّ العنبريُّ الحافظُ قاضِي البصرة قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ) بفتح العين المهملة وسكون الواو، محمَّد (عَنِ الشَّعْبِيِّ) عامرِ بن شَرَاحيل، أنَّه (قَالَ: قَالَ البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ) ☻ : (وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ لَهُمْ) بإثبات الواو قبل «كانَ» وعند الإسماعيليِّ بإسقاطِها (فَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَذْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”قبلَ أن يَرجعهم“ بفتح الياء، أي: قبل أن يَرجع إليهم، وظاهره: أنَّ ذلك وقعَ للبراءِ، لكن(4) المشهور أنَّ ذلك لخالهِ أبي بُرْدة بن نيارٍ، كما في «الأَضَاحي» من طريقِ زبيد عن الشَّعبيِّ عن البراءِ [خ¦5556] قال في «الكواكب»: أبو بُردة هو خالُه، وكانوا أهل بيتٍ واحد، فتارةً نسب إلى نفسِه وأُخرى إلى خالهِ (لِيَأْكُلَ ضَيْفُهُمْ فَذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ) أي: قبلَ صلاة العيد (فَذَكَرُوا ذَلِكَ) الذَّبح قبل الصَّلاة (لِلنَّبِيِّ صلعم ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الذَّبْحَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عِنْدِي عَنَاقٌ) بفتح العين المهملة وتخفيف النون، أُنثى من أولاد المعزِ (جَذَعٌ) بفتح الجيم والمعجمة، طعنتْ في السَّنة الثَّالثة، صفةٌ لـ : «عَنَاق» (عَنَاقُ لَبَنٍ) بالإضافةِ بدل من «عَنَاق» الأوَّل (هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ) بالتَّثنية، زاد في روايةٍ: «فرخَّص لهُ في ذلكَ» [خ¦5549] وفي روايةِ الإسماعيليِّ: «قالَ البراءُ: يا رسولَ الله» وهذا صريحٌ في أنَّ القصَّة وقعتْ للبراءِ. قال ابنُ حجرٍ: فلولا اتِّحاد المخرجِ لأمكنَ التَّعدُّد، لكن القصَّة متَّحدة، والسَّند متَّحدٌ من رواية الشَّعبيِّ عن البراءِ(5)، والاختلافُ من الرُّواة عن(6) الشَّعبي فكأنَّه وقع في هذه الرِّواية اختصارٌ وحذفٌ، ويحتملُ أن يكون البراء شاركَ خاله في سؤالِ النَّبيِّ صلعم عن القصَّة، فنسبتْ كلُّها إليه تجوُّزًا (وكَانَ ابْنُ عَوْنٍ) محمَّد الرَّاوي (يَقِفُ فِي هَذَا المَكَانِ عَنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ) عامر (وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِمِثْلِ هَذَا الحَدِيثِ، وَيَقِفُ فِي هَذَا المَكَانِ) أي: يتركُ تكملتَه (وَيَقُولُ) ولأبي ذرٍّ ”فيقول“: (لَا أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ) وهي قولُه صلعم : ضحِّ بالعَنَاق الَّذي عندك (غَيْرَهُ أَمْ لَا؟) أي: غيرَ البراء (رَوَاهُ أَيُّوبُ) السَّخْتِيانِيُّ (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) محمَّد (عَنْ أَنَسٍ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ).
          وهذا وصلَه المؤلِّف في أوائلِ «الأضاحِي» [خ¦5556] ومطابقةُ الحديث للتَّرجمةِ لم أفقَهْها(7)، والله الموفِّق.


[1] في (د): «لبعضهم».
[2] في (ع) و(د): «يسمع».
[3] في (ع) و(د): «صحتها».
[4] في (د): «ولكن».
[5] «عن البراء»: ليست في (د).
[6] في (د): «في الرواية في».
[7] في (ص): «أقف عليها».