الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصلاة في كسوف القمر

          ░17▒ (باب: الصَّلاة في كُسُوف القَمَر)
          قال الحافظ: أورد فيه حديث أبي بَكْرَة مِنْ وجهين مختصرًا ومطوَّلًا، وليس في المختصر ذكر القمر لا بالتَّنصيص ولا بالاحتمال، والجواب أنَّه أراد أن يبيِّن أنَّ المختصر بعض الحديث المطوَّل وبه تحصل المطابقة، وحكى ابن التِّينِ أنَّه وقع في رواية الأَصيليِّ: <انكسف القمر> بدل الشَّمس، وهذا تغيير لا معنى له، وكأنَّه عسرت عليه مطابقة الحديث بالتَّرجمة، فظنَّ أنَّ لفظَهُ مغَيَّرٌ فغَيَّرَه هو إلى ما ظنَّه صوابًا وليس كذلك. انتهى.
          وذكر القسطلَّانيُّ كلام ابن التِّينِ ولم يتعقَّب عليه بشيء، بل قال: وروى ابن أبي شيبة هذا الحديث بلفظ: ((انكَسَفَت الشَّمس أو القمر))، وفي رواية هُشَيْم: ((انكَسَفَت الشَّمس والقمر))(1). انتهى.
          قالَ العَينيُّ: أشار الكرمانيُّ إلى المطابقة بأنَّ معرفة الصَّلاة في كسوف الشَّمس تغني عن معرفة الصَّلاة في كسوف القمر، فمن ذلك حصل الاستغناء بذكر أحدهما عن الآخر.
          قلت: هذا ليس بسديد.
          ثمَّ ذكر العينيُّ كلام الحافظ المتقدِّم، وتعقَّب عليه، فارجع إليه لو شئت.
          ثمَّ ذكر في «هامش اللَّامع» في خسوف القمر بحثين:
          الأوَّل: / أنَّ الخسوف وقع مرَّتين في زمنه صلعم، والكسوف لم يقع إلَّا مرَّة واحدة، كما قال العشماويُّ.
          وفي «شرح الإحياء»: إنَّ الخسوف وقع في السَّنة الرَّابعة في جمادى الآخرة، ولم يشتهر أنَّه صلعم جمع له النَّاس، وفي «سيرة ابن حبَّان»: إنَّ القمر خُسف في السَّنة الخامسة، وهكذا في «تاريخ الخميس».
          والبحث الثَّاني: هل صلَّى النَّبيُّ صلعم صلاة الخسوف؟ فقال مالك: لم يبلغنا أنَّه صلعم صلَّى إلَّا في خسوف الشَّمس، وبه جزم ابن القيِّم، وحكى القاري عن الدَّارَقُطنيِّ بسنده عن ابن عبَّاس أنَّه صلعم صلَّى في كسوف الشَّمس والقمر أربع ركعات في أربع سجدات؛ وسنده جيِّد، وأما عند الأئمَّة الأربعة فعندنا الحنفيَّة وكذا المالكيَّة: صلاة الخسوف كسائر النَّوافل، بدون تكرار الرُّكوع وبدون الخطبة، إلَّا أنَّ الجماعة مكروهة فيها عند مالك، وغير مسنونة عند الحنفيَّة، وعند الشَّافعيِّ: هي كصلاة الكسوف بتكرار الرُّكوع بالجماعة جهرًا، وكذا عند أحمد، إلَّا أنَّهما اختلفا في الخطبة بعدها، ثابتة عند الشَّافعيِّ دون أحمد. انتهى ملخَّصًا مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] إرشاد الساري:2/278 مختصرا