الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الكفارة قبل الحنث وبعده

          ░10▒ (باب: الكفَّارة قبل الحِنْث وبعده)
          قالَ العلَّامةُ السِّنْديُّ في مطابقة الحديث بالتَّرجمة: وفيه ذكرُ قوله: (إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا) كأنَّه أَخذ مِنَ الواو الإطلاق، لأنَّه لمطلق الجمع، فالأصل الجواز كيفما(1) كان مقدَّمًا على الحِنث أو مؤخَّرًا، ومَنْ يدَّعي أحدهما فعليه البيان، والله تعالى أعلم. انتهى.
          قالَ العلَّامةُ القَسْطَلَّانيُّ: اعلم أنَّ الكفَّارة ثلاث حالات: إحداها: قبل الحَلِف، فلا تجزئ اتِّفاقًا. ثانيتها: بعد الحَلِف والحِنْث، فتجزئ اتِّفاقًا. ثالثتها: بعد الحَلِف وقبل الحِنْث فاختُلف فيها، فقالَ مالكٌ وسائر فقهاء الأمصار إلَّا أبا حنيفة: تجزئ قبله، لكن استثنى الشَّافعيُّ الصِّيام، فقال: لا يجزئ إلَّا بعد الحِنْث، لأنَّ الصِّيام مِنْ حقوق الأبدان، ولا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصَّلاة، بخلاف العِتق والكسوة والإطعام فإنَّها مِنْ حقوق الأموال، فيجوز تقديمها كالزَّكاة، والخلاف كما قال القاضي عِياض مبنيٌّ على أنَّ الكفَّارة لحلِّ اليمين أو لتكفير مأثمها بالحِنث، فعند الجمهور أنَّها رخصة شرعها الله لحلِّ ما عُقد مِنَ اليمين، فلذلك تجزئ قبلُ وبعدُ، نعم استَحبَّ مالكٌ والشَّافعيُّ تأخيرها. انتهى.
          وفيه أيضًا: واختُلف هل كفَّر صلعم عن يمينه المذكور(2)؟ كما / اختُلف هل كفَّر في قصَّة حَلِفه على شرب العسل أو على غشيان مارية؟ ثمَّ ذكر فيه أقوال العلماء.
          وأمَّا براعة الاختتام فما تقدَّم في مقدِّمة «اللَّامع» مِنْ كلام الحافظ أنَّها في قوله: (إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ) وفي آخر الكفَّارة: (وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ). انتهى.
          قلت: وهذا مبنيٌّ على نسخة الحافظ، وأمَّا على «النُّسخ الهنديَّة» فالكفَّارات فيها مندرج في كتاب الإيمان وفي آخرها قوله: (كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ) كما تقدَّم في كلام الحافظ، ولا يبعد عندي أنَّها في قوله: (فأتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) فإنَّه استعداد للموت، أو في قوله: (ابن حرب).


[1] في (المطبوع): ((كيف ما)).
[2] في (المطبوع): ((المذكورة)).