الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الاستثناء في الأيمان

          ░9▒ (باب: الاستثناء في الأيمان)
          أي: هذا باب في بيان أحكام الاستثناء في الأيمان، والاستثناء في الاصطلاح: إخراج بعض ما يتناوله اللَّفظ بإلَّا وأخواتها، وتطلق أيضًا على التَّعاليق، ومنها التَّعليق على المشيئة، وهو المراد في هذه التَّرجمة، فإذا قال: لأفعلنَّ كذا، أو لا أفعل كذا إن شاء الله تعالى فقد استثنى، واتَّفق العلماء على أنَّ شرط الحكم بالاستثناء أن يتلفَّظ المستثنى به، وأنَّه لا يكفي القصد إليه بغير لفظ، وذكر عياض فيه عن بعضهم خلاف مالك، لكن نقل في «التَّهذيب» أنَّ مالكًا نصَّ على اشتراط التَّلَفُّظ. انتهى ملخَّصًا مِنَ «الفتح».
          وفيه بعد ذكر الحديث: قال أبو موسى المَدِينيُّ في كتابه «الثَّمين في استثناء اليمين»: لم يقع قوله: (إن شاء الله) في أكثر الطُّرق لحديث أبي موسى، وسقط لفظ: (والله) مِنْ «نسخة ابن المنيِّر»، فاعترض بأنَّه ليس في حديث الباب يمين، وليس كما ظنَّ بل هي ثابتة في الأصول، وإنَّما أرادَ البخاريُّ بإيراده بيان صيغة الاستثناء بالمشيئة، وأشار أبو موسى المدينيُّ في الكتاب المذكور إلى أنَّه صلعم قالها للتَّبرُّك لا للاستثناء، وهو خلاف الظَّاهر.
          وقالَ الحافظُ تحت الحديث الثَّاني مِنْ حديثَي الباب قد جزم جماعة أنَّ سليمان ◙ كان قد حلف كما سأبيِّنه، والحقُّ أنَّ مراد البخاريِّ مِنْ إيراد قصَّة سليمان في هذا الباب أن يبيِّن أنَّ الاستثناء في اليمين يقع بصيغة (إن شاء الله) فذكر حديث أبي موسى المصرِّح بذكرها مع اليمين، ثمَّ ذكر قصَّة سليمان لمجيء قوله صلعم فيها تارة بلفظ: (لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ الله) وتارة بلفظ: (لَوْ اسْتَثْنَى) فأطلق على لفظ: (إِنْ شَاءَ الله) أنَّه استثناء، فلا يُعترض عليه بأنَّه ليس في قصَّة سليمان يمين. انتهى.