الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من دعا برفع الوباء والحمى

          ░22▒ (باب: مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْحُمَّى)
          قالَ عِياضٌ: الوباء عموم الأمراض، وقد أطلق بعضهم على الطَّاعون أنَّه وباء لأنَّه مِنْ أفراده، لكن ليس كُلُّ وباء طاعونًا، وعلى ذلك يُحمل قول الدَّاوديِّ لمَّاذكر الطَّاعون: الصَّحيح أنَّه الوباء، وقالَ ابنُ الأثير في «النِّهاية»: الطَّاعون: المرضُ العامُّ، والوباء: الَّذِي يَفسد له الهواء فتفسد به الأمزجةُ والأبدان... إلى آخر ما بسط الحافظ.
          ثمَّ قال: وقد استشكل بعض النَّاس الدُّعاء برفع الوباء، لأنَّه يتضمَّن الدُّعاء برفع الموت، والموت حتم مقضيٌّ فيكون ذلك عبثًا، وأجيب بأنَّ ذلك لا ينافي التَّعبُّد بالدُّعاء لأنَّه قد يكون مِنْ جملة الأسباب في طول العمر أو رفع المرض، وقد تواترت الأحاديث بالاستعاذة مِنَ الجنون والجُذام وسَيِّئ الأسقام. انتهى مختصرًا.
          قلت: وما يظهر لهذا العبدِ الضَّعيفِ في الغرض مِنَ التَّرجمةِ أنَّه إنما ترجم بذلك لئلَّا(1) يُتوهَّم أنَّه لا ينبغي الدُّعاء برفع الوباء والحمَّى، فإنَّهما مِنْ أسباب الشَّهادة وكفَّارة السيِّئات، فإنَّ الطَّاعون مِنْ أسباب الشَّهادة لقوله ╕: ((المطعون شهيد)).
          وبسط الكلام على أسباب الشَّهادة في آخر كتاب الجنائز مِنَ «الأوجز»، وكذا في كتاب الجهاد منه، وفيه ذكر الزَّرقانيُّ منهم صاحبَ الحمَّى. انتهى.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة(2) قالَ القَسْطَلَّانيُّ: ولم يُذكر في هذا الحديث رفعُ البلاء الَّذِي تَرجم به، أجيب بأنَّه أشار إلى ما وقع في بعض طُرُقه، كما سبق في أواخر الحجِّ بلفظ: (قالت عائشة ╦ : فقَدِمنا المدينةَ وهي أوبأُ أرض الله) [انتهى].
          وأمَّا براعة اختتام الكتاب ففي قوله: (وانقُلْ حمَّاهَا) عند الحافظ ☼، وأوضحُ منه عندي في قوله:
(والمَوتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِه). /


[1] في (المطبوع): ((لأن لا)).
[2] في (المطبوع): ((بالترجمة)).