الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الأضحية للمسافر والنساء

          ░3▒ (باب: الأُضْحِيَّة للمُسَافِر والنِّساء)
          قالَ الحافظُ: فيه إشارة إلى خلاف مَنْ قال: إنَّ المسافر لا أُضْحِيَّة عليه، وإشارة إلى خلاف مَنْ قال: إنَّ النِّساء لا أُضْحِيَّة عليهنَّ، ويحتمل أن يشير إلى خلاف مَنْ منع مِنْ مباشرتِهُنَّ التَّضْحِيةَ، فقد جاء عن مالكٍ كراهة مباشرة المرأة الحَائِض للتَّضْحِيَّة. انتهى.
          وتعقَّبه العينيُّ وقال: الكلام هاهنا في فصلين: الأوَّل: هل يجب على المسافر أُضْحِيَّة؟ اختلفوا فيه؟ فقالَ الشَّافعيُّ: هي سنَّة على جميع النَّاس وعلى الحاجِّ بمنًى، وقالَ مالكٌ: لا أضحيَّة عليه ولا يُؤْمَر بتركها إلَّا الحاجُّ بمِنًى، وقال أبو حنيفة: لا تجب على المسافر أضحيَّةٌ. والفصل الثَّاني: أنَّ مَنْ أوجَبَ الأُضْحِيَّةَ أوْجَبَها على النِّساء، ومَنْ لم يُوجِبها لم يُوجِبهَا عليهنَّ، واستحبَّها في حقِّهنَّ. انتهى مختصرًا.
          وأمَّا مسلك الحنفيَّة ففي «البدائع»: ذكر [في] الأصل وقال: ولا تجب الأضحيَّة على الحاجِّ، وأراد بالحاجِّ المسافرَ، فأمَّا أهلُ مَكَّة فتجب عليهم الأضحيَّة وإن حجُّوا... إلى آخر ما ذكر.
          ويُشْكِل مناسبة الحديث بالباب لأنَّه قصَّة حجَّة الوداع والبقرة كانت هَدْيًا، ويمكن الجواب عنه أنَّ مِنْ دأب الإمام البخاريِّ أيضًا الاستدلالَ بظاهر اللَّفظ، والوارد في الحديث لفظ: (ضَحَّى).
          قالَ الحافظُ: قوله: (ضحَّى النَّبيُّ صلعم...) إلى آخره، ظاهرٌ في أنَّ الذَّبح المذكور كان على سبيل الأضحيَّة، ثمَّ ردَّ الحافظ على ابن التِّين الَّذِي أوَّلَ الحديثَ وقال: المراد أَنَّه ذَبَحَها وقت ذبح الأُضْحِيَّة، لأنَّها(1) كانت أُضْحِيَّة. قالَ الحافظُ: كذا قال: ولا يخفى بُعْدُه. [انتهى].
          قلت: كذا قالَ الحافظُ هاهنا، لكنَّه رجَّح في / (باب: النَّحر في منحر النَّبيِّ صلعم بمنًى) مِنْ كتاب الحجِّ: أَنَّه كان هَدْيُ التَّمَتُّع عَمَّن اعتمر مِنْ نسائه، وهكذا أفادَ الشَّيخُ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع» تحت حديث الباب حيث قال: وكانَ ذَلك دَمَ مُتْعَةٍ وقِرَانٍ لا دَمَ التَّضْحِيَّة. انتهى.
          وذُكِر شيء مِنَ الكلامِ عليه في «هامشه».


[1] في (المطبوع): ((لا أنها)).