الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب سنة الأضحية

          ░1▒ <باب: سُنَّة الأُضْحِيَّة>
          كذا لأبي ذرٍّ والنَّسَفيِّ، ولغيرهما: <سنَّة الأضاحيِّ>، وهو جمع أضحيَّة، وكأنَّه ترجم بالسُّنَّة إشارة إلى مخالفة مَنْ قال بوجوبها، قالَ ابنُ حزم: لا يصحُّ عن أحد مِنَ الصَّحابةِ أنَّها واجبة، وصحَّ أنَّها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها مِنْ شرائع الدِّين، وهي عند الشَّافعيِّ(1) والجمهور سنَّة مؤكَّدة على الكفاية، وفي وجهٍ للشَّافعية مِنْ فروض الكفاية، وعن أبي حنيفة: تجب على المقيم الموسر، وعن مالك مثلُه في روايةٍ لكنْ لم يقيِّد بالمقيم، وخالف أبو يوسف مِنَ الحنفيَّة وأشهبُ مِنَ المالكيَّة فوافقا الجمهور، وعن أحمد: يُكْرَه تركُها مع القدرة، وعنه: واجبة، وعن محمَّد بن الحسن: هي سنَّة غير مرخَّص في تركها، قالَ الطَّحاويُّ: وبه نأخذ، وليس في الآثار ما يدلُّ على وجوبها. انتهى كذا في «الفتح».
          وفي «الهداية»: الأضحيَّة واجبة على كلِّ حُرِّ مسلمٍ مقيمٍ موسرٍ في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصِّغار، أمَّا الوجوب فقول أبي حنيفة ومحمَّد وزُفر والحسن وإحدى الرِّوايتين عن أبي يوسف ⌠، وعنه_أي أبي يوسف_ أنَّها سنَّة، ذكره في «الجوامع»، وهو قولُ الشَّافعيِّ، / وذكر الطَّحاويُّ أنَّ على قول أبي حنيفة: واجبة، وعلى قول أبي يوسف ومحمَّد: سنَّة مؤكَّدة، وهكذا ذكر بعض المشايخ الاختلاف... إلى آخر ما بسط في «الدَّلائل»، وسيأتي حكم الأضحيَّة للمسافر في بابٍ مستقلٍّ.
          قوله: (وقالَ ابنُ عمر: هي سنَّة ومعروف) وصله حمَّاد بن سلمة في «مصنَّفه»، وللتِّرمذيِّ أنَّ رجلًا سأل ابن عمر عن الأضحيَّة أهي واجبة؟ فقال: ((ضحَّى رسول الله صلعم والمسلمون بعده)) قالَ التِّرمِذيُّ: العملُ على هذا عند أهل العلم أنَّ الأضحيَّة ليست بواجبة، وكأنَّه فهم مِنْ كون ابن عمر لم يقل في الجواب: نعم أنَّه لا يقول بالوجوب، فإنَّ الفعل المجرَّد لا يدلُّ على ذلك. انتهى مِنَ «الفتح».
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (معروف) أي: معروف بين النَّاس إذا رأَوه لا ينكرونه. انتهى.
          وكتبَ الشَّيخُ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع»: قوله: (سنَّة ومعروف...) إلى آخره، أي: ثابت بالسُّنَّة وأمرٌ معروف بين النَّاس. انتهى.
          وفي «هامشه»: أوَّله الشيخ قُدِّس سرُّه لكون ظاهر الأثر مخالفًا للحنفيَّة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((الشافعية)).