الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: كيف تعرف لقطة أهل مكة؟

          ░7▒ (باب: كَيْفَ تُعَرَّفُ لُقَطَة أهْلِ مكَّة؟)
          كأنَّه أشار بذلك إلى إثبات لُقَطَة الحَرَم، فلذلك قَصَر التَّرجمة على الكيفيَّة، ولعلَّه أشار إلى ضعف الحديث الوارد في النَّهي عن لُقَطَة الحاجِّ، أو إلى تأويله بأنَّ المراد: النَّهي عن التقاطها للتَّمَلُّك لا للحفظ. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: والحديث الَّذِي أشار إليه الحافظ هو ما أخرجه الإمام أبو داود عن عبد الرَّحمن بن عثمان التَّيْميِّ: ((أنَّ رسول الله صلعم نهى عن لُقَطة الحاجِّ)) (1).
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: دلالة الرِّواية عليه مِنْ حيثُ إنَّ تعريف لُقَطة مكَّة كتعريف لُقَطة غيرها، وتخصيص مكَّة؛ لكونها مظنَّة مبادرة اللَّاقط إلى إنفاقها، لأنَّ النَّاس يأتونها مِنْ بُعد، فيبعد احتمال العَود، أو لأنَّ الجناية على مال الغير وإن كانت ممنوعة إَّلا أنَّه(2) في البلد الحرام أشدُّ. انتهى.
          وقال الحافظ: واستدلَّ بحديثي الباب على أنَّ لُقطة مكَّة لا تُلْتَقَطُ للتَّمْلِيك بل للتَّعْريف خاصَّة وهو قول الجمهور، وإنَّما اختصَّت بذلك عندهم لإمكان إيصالها إلى ربِّها لأنَّها إن كانت للمكِّيِّ فظاهر، وإن كانت للآفاقيِّ فلا يخلو أفُق غالبًا مِنْ وارد إليها، فإذا عرَّفها واجدُها في كلِّ عامٍ سَهُلَ التَّوصُّل إلى معرفة صاحبها، قاله ابن بطَّالٍ.
          وقال أكثر المالكيَّة وبعض الشَّافعيَّة: هي كغيرها مِنَ البلاد، وإنَّما تختصُّ مكَّة بالمبالغة في التَّعريف، لأنَّ الحاجَّ يرجع إلى بلده وقد لا يعود، فاحتاج الملتقط بها إلى المبالغة في التَّعريف. انتهى.
          وفي «البذل»: قال في «البدائع»: وكلُّ جواب عَرَفْتَه(3) في لُقَطة الحِلِّ فهُو الجَواب في لُقَطَة الحَرَم... إلى آخر ما بسط في «الدَّلائل».
          وفي «هامشه»: قالَ الموفَّق: ظاهر كلام أحمد والخَرَقيِّ أنَّ لُقَطة الحِلِّ والحَرَم سواء، وعن أحمد رواية أخرى: لا يجوز لقطة الحَرَم للتَّملُّك، وعن الشَّافعيِّ كالمذهبين. انتهى. /


[1] سنن أبي داود، كتاب اللُّقَطة، رقم 1719
[2] في (المطبوع): ((أنها)).
[3] في (المطبوع): ((عرَّفه)).