الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها

          ░4▒ (باب: إذا لم يُوجَد صَاحِب اللُّقَطَة بَعدَ سَنَة فَهِيَ لِمَن وَجَدها)
          أي: غنيًّا كان أو فقيرًا، واستدلَّ بحديث الباب على أنَّ اللَّاقط يملكها بعد انقضاء مدَّة التَّعريف، وهو ظاهر نصِّ الشَّافعيِّ. انتهى مِنَ «الفتح».
          زاد القَسْطَلَّانيُّ: وخصَّها الحنفيَّة بالفقير دون الغنيِّ، لأنَّ تناول مال الغير بغير إذنه غير جائز بلا ضرورة بإطلاق النُّصوص. انتهى.
          قالَ الموفَّق: إذا عرَّف اللُّقطة حولًا فلم تُعرف مَلَكَها مُلْتَقِطُها، وصارت مِنْ ماله، غنيًّا كان الملتقط أو فقيرًا، وبه قال الشَّافعيُّ وإسحاق، وقال مالك وأصحاب الرَّأي والثَّوريُّ: يتصدَّق بها، فإذا جاء صاحبها خيَّره بين الأجر والغُرْم، قالوا: وليس له أن يتملَّكها إلَّا أنَّ أبا حنيفة قال: له ذلك إن كان فقيرًا مِنْ غير ذوي القربى، إلى آخر ما بسط في «الأوجز».
          وهاهنا مسألة أخرى ذكرها الحافظ هاهنا، وترجم عليها البخاريُّ فيما سيأتي مِنْ (باب: إذا جاء صاحب(1) اللُّقَطة بعد سَنة...) إلى آخره وهي ما قال الحافظ.
          واختلف العلماء فيما إذا تصرَّف في اللُّقطة بعد تعريفها سَنة ثمَّ جاء صاحبها هل يضمنها له أم لا؟ فالجمهور على وجوب الرَّدِّ إن كانت العين موجودة أو البدل إن كانت استُهلكت، وخالف في ذلك الكرابيسيُّ صاحبُ الشَّافعيِّ، ووافقه صاحباه البخاريُّ وداود بن عليٍّ إمامُ الظَّاهريَّة، لكن وافق داودُ الجمهورَ إذا كانت العين قائمة، ومِنْ حجَّة الجمهور قوله في الرِّواية الماضية: (ولتكن وديعةً عندك) إلى آخر ما بسط في دلائل مسلك الجمهور.
          ثم قال: وإذا تقرَّر هذا أمكن حملُ قول المصنِّف في التَّرجمة: (فهي لمن وجدها) أي: في إباحة التَّصرُّف فيها حينئذ، وأمَّا أمر ضمانها بعد ذلك، فهو ساكت عنه. انتهى.
          قلت: وما أفاده الحافظ ☼ أخيرًا فهو وجهه، فعلى هذا لا تنافى(2) بين هذه التَّرجمة وبين ما ستأتي من (باب: إذا جاء صاحب اللُّقَطة بعد سَنة ردَّها عليه) لأنَّها وديعة عنده، فافهم.


[1] في (المطبوع): ((صاحبها)).
[2] في (المطبوع): ((تنافي)).