الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ضالة الإبل

          ░2▒ (باب: ضَالَّة الإِبِل)
          قال الحافظ: أي: هل تُلتقط أم لا؟ الضَّائع والضَّالُّ في الحيوان كاللُّقَطة في غيره، والجمهور على القول بظاهره في أنَّها لا تُلْتَقط، وقال الحنفيَّة: الأَولى أن تُلْتَقط، وحمل بعضهم النَّهي على مَنْ التقطها ليتَمَلَّكها لا ليحفظها فيجوز له، وهو قول الشَّافعيِّة، وكذا إذا وجدت بقرية فيجوز التَّملُّك على الأصحِّ عندهم، والخلاف عند المالكيَّة أيضًا. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: في التقاط الإبل عند المالكيَّة ثلاثة أقوال، وعند الشَّافعيَّة: يجوز للحفظ فقط. انتهى.
          وقالَ الموفَّق: كلُّ حيوان يقوى على الامتناع مِنْ صغار السِّباع وورود الماء لا يجوز التقاطه، ولا التَّعرُّض له سواء كان لكبر جثَّته، كالإبل، والخيل، والبقر، أو لطيرانه كالطُّيور، أو لسرعته كالظِّباء والصُّيود، أو بنابه كالكلاب والفهود، وبهذا قال الشَّافعيُّ، وقال مالك في ضالَّة الإبل: مَنْ وجدها في القرى عرَّفها، ومَنْ وجدها في الصَّحراء لا يقربها، ورواه المُزَنيُّ عن الشَّافعيِّ، وقال أبو حنيفة: يبُاح التقاطُها. انتهى مختصرًا.
          وأمَّا حديث الباب: فقال ابن الهُمام: أجاب عنه في «المبسوط» بأنَّ ذلك كان [إذ ذاك] لغلبة أهل الصَّلاح والأمانة، لا تصل إليها يدٌ خائنة، فإذا تركها وجدها، وأمَّا زماننا فلا يأمن وصول يد خائنة إليها بعده، قضى أخْذُها إحياءَها وحِفظها على صاحبها، فهو أَولى... إلى آخر ما بسط في «الأوجز». / وفي «البذل» عن «البدائع»: ولنا ما روي أنَّ رَجلًا وجد بعيرًا بالحرَّة فعرَّفه، ثمَّ ذكره لسيِّدنا عمر ☺ ، فأمره أن يعرِّفه، فقال الرَّجل لسيِّدنا عمر: قد شغلني عن ضيعتي، فقال سيِّدنا عمر: أرسلْه حيث وجدتَه، وأمَّا الحديث فلا حجَّة له فيه، لأنَّ المراد منه أن يكون صاحبه قريبًا منه أَلا ترى أنَّه قال ╕: (حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا) وإنَّما يقال ذلك إذا كان قريبًا، أو كان رجاءُ اللِّقاء ثابتًا، ونحن به نقول، ولا كلام فيه... إلى آخر ما بسط.