الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب أجر العمرة على قدر النصب

          ░8▒ (باب: أجر العُمْرَة على قَدْر النَّصَب)
          قد تقدَّم قبل بابٍ أنَّ الغرض مِنْ هذه التَّرجمة أنَّ إحرام العُمْرَة وإن جاز مِنْ مكَّة لكنَّ الأفضل الخروجُ إلى التَّنعيم.
          قال الحافظ: قوله: (على قَدْر نفقتك أو نَصَبك) قالَ الكَرْمانيُّ: (أو) إمَّا للتَّنويع في كلام النَّبيِّ صلعم، وإمَّا شكٌّ مِنَ الرَّاوي، والمعنى: أنَّ الثواب في العبادة يكثر بكثرة النَّصَب أو النَّفقة، والمراد النَّصب الَّذِي لا يذمُّه الشَّرع، وكذا النَّفقة، قاله النَّوويُّ. انتهى.
          واستدلَّ به على أنَّ الاعتمار لمن كان بمكَّة مِنْ جهة الحِلِّ القريبة أقلُّ أجرًا مِنَ الاعتمار مِنْ جهة الحِلِّ البعيدة، وهو ظاهر هذا الحديث.
          وقالَ الشَّافعيُّ في «الإملاء»: أفضل بقاع الحِلِّ للاعتمار الجِعِرَّانة لأنَّ النَّبيَّ صلعم أحرم منها، ثمَّ التَّنْعِيم لأنَّه أَذِنَ لعائشة منها، قال: وإذا تنحَّى عن هذين الموضعين فأين أبعد حتَّى يكون أكثرَ لسفره كان أحبَّ إليَّ، وحكى الموفَّق في «المغني» عن أحمد أنَّ المكِّيَّ كلَّما تباعد في العُمْرَة كان أعظم لأجره، وقال الحنفيَّة: أفضل بقاع الحِلِّ للاعتمار التَّنْعِيم، ووافقهم بعض الشَّافعيَّة والحنابلة، ووجهُه ما قدَّمناه أنَّه لم يُنقل أنَّ أحدًا مِنَ الصَّحابة في عهد النَّبيِّ صلعم خرج مِنْ مكَّة إلى الحِلِّ ليحرم بالعُمْرَة غير عائشة، وأمَّا اعتماره صلعم مِنَ الجِعِرَّانة فكان حين رجع مِنَ الطَّائف مجتازًا إلى المدينة(1)... إلى آخر ما قال.


[1] فتح الباري:3/606-611 مختصرا