الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من اعتمر قبل الحج

          ░2▒ (باب: مَنِ اعتمر قبل الحجِّ)
          أي: هل تجزئه العُمْرَة أم لا؟ انتهى مِنَ «الفتح».
          وكتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ ما ورد مِنَ النَّهي عن تقديم العُمْرَة على الحجَّة فإنَّما هو أدب وإرشاد لما هو الأفضل لأنَّ في تقديم العُمْرَة / إلى(1) الحجَّة مظنَّة فوات الحجَّة لبُعد المسافة في العادة، وكثرة المشاغل العائقة عن المعاودة، ولعلَّه لا يوفَّق للمعاودة ثانيًا فيحجَّ، مع أنَّ الحجَّة _وهي فريضة_ أَولى بالتَّقديم والمبادرة إليها مِنَ العُمْرَة وهي سنَّة، وأمَّا الجواز لو قدَّمها عليها غير منكر ولا مبرهن على عدمه، كيف وقد قدَّم النبي صلعم عمرته على حجَّته؟ وهذا الاحتجاج بفعله صلعم إنَّما يتمُّ لو كان فُرض الحجُّ قبل عمرته، فأمَّا عند مَنْ قال: إنَّه فُرض في السَّنة التَّاسعة فلا يمكن أن يستدلَّ بفعله. انتهى.
          وفي «هامشه» تحت قول الشَّيخ: إنَّ ما ورد مِنَ النَّهي... إلى آخره، أخرجه أبو داود عن سعيد بن المسيِّب: ((أنَّ رَجلًا مِنْ أصحاب النَّبيِّ صلعم أتى عمر بن الخطَّاب، فشهد عنده أنَّه سمع رسول الله صلعم في المرض الَّذِي قُبض فيه ينهى عن العُمْرَة قبل الحجِّ)).
          قالَ الخطَّابيُّ: في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله صلعم عمرتين قبل حجِّه، والأمر الثَّابت المعلوم لا يُترك بالأمر المظنون، وجواز ذلك إجماع مِنْ أهل العِلم، وقد يحتمل أن يكون النَّهي عنه اختيارًا واستحبابًا، وأنَّه إنَّما أمر بتقديم الحجِّ لأنَّه أعظم الأمرين وأهمُّهما، ووقته محصور والعُمْرَة ليس لها وقت مؤقَّت. انتهى.
          وهكذا في «الأوجز» عن ابن عبد البرِّ إذ قال: هو أمر مجمع عليه لا خلاف بين العلماء فيه. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((على)).