الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي

          ░7▒ (باب: الاعتمار بعد الحجِّ بغير هديٍ)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ الحج والعُمْرَة لو اجتمعتا في السَّفر، وكانت العُمْرَة متأخِّرة عن الحجِّ لم يكن ذلك تمتُّعًا، كما وقع لعائشة ♦، ولذلك لم يكن في حجِّها ولا عمرتها هديٌ لعدم المتعة والقِران، ولم تكن فيها جناية أيضًا، وأمَّا رفض عمرتها الأولى الَّتِي كانت قدَّمت بها وجوب الدَّم برفضها فغير متعرَّض بها نفيًا ولا إثباتًا. انتهى.
          وعلى ما أفاده الشَّيخ قُدِّس سرُّه يمكن أن يقال: إنَّ التَّرجمة شارحة، فأفاد المصنِّف بالتَّرجمة أنَّ قولها: (ولم يكن في شيء مِنْ ذلك هديٌ ولا صدقة...) إلى آخره، محمول على العُمْرَة الَّتِي تكون بعد الحجِّ، فإنَّها ليس(1) بالتَّمتُّع الاصطلاحيِّ.
          وفي «هامشه»: قال الحافظ: كأنَّه يشير بذلك إلى أنَّ اللَّازم مِنْ قول مَنْ قال: إنَّ أشهُر الحجِّ شوَّالٌ وذو القعدة وذو الحجَّة بكماله كما هو منقول في رواية عن مالك وعن الشَّافعيِّ أيضًا، ومَنْ أطلق أنَّ التَّمتُّع هو الإحرام بالعُمْرَة في أشهر الحجِّ كما نقل ابن عبد البرِّ فيه الاتِّفاق فقال: لا خلاف بين العلماء أنَّ التَّمتُّع المراد بقول الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الآية [البقرة:196] هو الاعتمار في أشهر الحجِّ قبل الحجِّ، أنَّ مَنْ أحرم بالعُمْرَة في ذي الحجَّة بعد الحجِّ فعليه الهدي، وحديث الباب دالٌّ على خلافه، لكنَّ القائل بأنَّ ذا الحجَّة كلَّه مِنْ أشهُرِ الحجِّ يقول: إنَّ التَّمتُّع هو الإحرام بالعُمْرَة في أشهر الحجِّ قبل الحجِّ فلا يلزمهم ذلك. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: وكانت عمرتها بعد انقضاء الحجِّ، ولا خلاف بين العلماء أنَّ مَنِ اعتمر بعد انقضاء الحجِّ وخروج أيَّام التَّشريق أنَّه لا هدي عليه في عمرته لأنَّه ليس بمتمتِّع. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((ليست)).