التلقيح لفهم قارئ الصحيح

معلق ابن خليل: اللهم هالة

          3821- قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ): هذا كوفيٌّ خزَّازٌ، كُنيته أبو عبد الله، يروي عن سَلَمَةَ بنِ رجاء، وعليِّ بنِ مُسهِر، وغيرِهما، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، ويعقوبُ الفَسَويُّ، وطائفةٌ، وثَّقه أبو حاتمٍ، تُوُفِّيَ سنة ░225هـ▒.
          وقد قدَّمتُ الكلامَ على ما إذا قال البُخاريُّ: (وقال فلان) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ(حدَّثنا)، غيرَ أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وتَقَدَّم كلامُ الحيريِّ في ذلك [خ¦3/7-116]، والله أعلم، وكلامُ ابنِ منده [خ¦142]، ومقتضى كلامِ المِزِّيِّ أنَّه وقع له: (حدَّثنا إسماعيلُ بن خليل)؛ وذلك لأنَّ عادتَه فيما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان) إذا كان شيخَه، أو: (قال لي فلان)؛ يُعلِّم عليه علامةَ تعليقٍ، وهذا لم يُعلِّم عليه كذلك، وإنَّما قال: (البخاريُّ في «فضل خديجة» عن إسماعيل بن خليل)، والله أعلم.
          قوله: (اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ): (هالةُ بنتُ خُوَيلد) وتَقَدَّم بقيَّة نسبها في أختِها خديجةَ ☻ [خ¦63/20-5712]، وهي أمُّ أبي العاصي بن الرَّبِيع، وقد قدَّمتُ الكلامَ على أنَّها صحابيَّةٌ في ترجمة ابنِها في (منقبته) [خ¦62/16-5593].
          قوله: (فَارْتَاعَ لِذَلِكَ): قال ابن قُرقُولَ: («فارتاح لذلك» كذا للنسفيِّ في «مسلم»، وعند سائر رواة البُخاريِّ: «فارتاع»؛ أي: عظُم في نفسه سماعُ صوتها، واجتمع له، واستعدَّ للقائها، وتنبَّه له وللأمر الذي استأذنت فيه أو لِمَا أصابه مِن تجدُّد ذكر خديجة)، انتهى، وقال في (ارتاح): (أي: هشَّ، ونشطت نفسه، وقيل: خفَّ عليها، وقيل: سُرَّ بها).
          قوله: (اللَّهُمَّ؛ هَالَةَ): هو بنصب (هالة) أي: اللهمَّ اجعلها هالة، أو غير ذلك من التقدير، وفي بعض النُّسخ: (هالةُ)؛ بالضم؛ أي: هذه هالة، أو غير ذلك من التقدير.
          قوله: (حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ): هو بمدِّ(1) الهمزة مجرورٌ صفةٌ لمجرورٍ، وعلامة الجرِّ فيه الكسرة؛ لأنَّه مضاف، ومعنى (حمراء الشدقين): ساقطة الأسنان من الكِبَر، فلم يبقَ إلَّا حمرة اللِّثاتِ، و(الشِّدق) بالدال المهملة، ووقع عند القاضي عياض بالإعجام، وهو سبقُ قلمٍ، والله أعلم، ولم يذكر فيه ابن قُرقُول إلَّا بالحاء والراء المهملتين، وكذا ابن الأثير، وقال بعضهم: (قال السفاقسيُّ: ويروى بالجيم والزاي، قال أبو البقاء: «ما أكثر ما تذكرها(2) حمراءُ الشِّدقين» بالرَّفع؛ أي: هي حمراء، وليس المعنى على الحال)، انتهى، ولا أعرف أنا معناه بالجيم والزاي؛ فليُطلَب، ولعلَّه: (جمراء) بالجيم والراء، وهذا له معنًى، والله أعلم.
          قوله: (قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا): في هذا _أعني: سكوته ◙ على ذلك_ أنَّ عائشة أفضل من خديجة، ولكن ذكر السُّهيليُّ في «رَوضه» حين ذكر: (ما غرتُ على أحد ما غِرتُ على خديجة...)؛ الحديث ما لفظه: (وفي حديث آخر: أنَّ عائشة ♦ قالت له: ما تذكر مِن عجوزٍ حمراء الشِّدقين، هلكت في الدهر الأوَّل، قد أبدلك الله خيرًا منها؟! فغضب وقال: «والله ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي حين كذَّبني الناس، وآستني بمالها حين حرمني الناس، ورُزِقتُ منها الولد، وحُرِمته من غيرها»)، انتهى، وذكر نحوه ابن عبد البَرِّ في «استيعابه» في ترجمة خديجة بإسناده إلى عائشة ♦؛ فانظره إن أردته، وفي تفضيل إحداهما على الأخرى قولان قدَّمتُهما، وقدَّمتُ كلام السُّبكيِّ أبي الحسن عليِّ بن عبد الكافي، وتفصيل ابن تيمية أبي العبَّاس [خ¦62/29-5643] [خ¦62/30-5645]. /


[1] في (أ): (مد).
[2] في (أ) تبعًا لـ«التنقيح»: (تذكر)، والمثبت من «إعراب الحديث النبوي».