التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب

          3683- قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابنُ المدينيِّ الحافظُ، وكذا تَقَدَّم (صَالِحٌ): أنَّه ابنُ كيسان، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه محمَّدُ بن مسلمٍ الزُّهريُّ.
          قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ قَالَ): كذا في أصلنا، وهذا لم يذكره المِزِّيُّ، وإنَّما ذكر الذي بعده حديثَ عبد العزيز بن عبد الله، ولم يذكر حديثَ عليِّ بن عبدِ الله، وحديثُ عليِّ بن عبد الله هو في بعض النُّسخ، وذلك لأنَّه أشار إليه في أصلنا بعلامة راويه، وكتب عليه: (مِن... إلى)، وما جرت عادة البخاريِّ بذكر الحديث على هذا الطريق، هذا فيما رأيتُه، إنَّما يفعل العكس، وقد يفعل مثل الأوَّل، وعبد الحَمِيد في السند الأوَّل سمَّاه في السَّند الثاني (عَبْد الْحَمِيدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ)، وزَيْدٌ هو ابنُ الخَطَّاب، و(محمَّد بن سعد) في السَّنَد الأوَّل هو (مُحَمَّد بْن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) المذكور في السَّند الثَّاني، والله أعلم.
          وقوله: (وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ): هؤلاء النِّسوة القرشيَّات هنَّ أزواجه القرشيَّات، وهنَّ معروفاتٌ، هذا ما ظهر من سياق الحديث، ولا يكون معه ◙ بهذه المثابة وهذا الإدلال إلَّا أزواجُه أقرباؤه، وقد تَقَدَّم ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين [خ¦3294]، وقال شيخنا في «شرحه» هنا: (فيه: أنَّه ◙ كان يأتيه نساء المؤمنين، ويبسطن عنده) انتهى، ففيه أنَّهن لسنَ أزواجه؛ لكن ينبغي أن يقول: نساء المؤمنين القرشيَّات، والله أعلم.
          قوله: (وَيَسْتَكْثِرْنَه): أي: يُكثِرن عليه السُّؤال والكلام؛ أي: يطلبن منه استخراج الكثير منه أو من الحوائج، وقد تَقَدَّم [خ¦3294]، وقال شيخنا: (يريد العطاء).
          قوله: (عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ): (عاليةً): منصوبٌ منوَّنٌ حالٌ، و(أصواتُهنَّ): مرفوعٌ، وقد تَقَدَّم كلام القاضي عياض في معنى ذلك [خ¦3294].
          قوله: (أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم): هما بمعنى: شدَّة الخلق وخشونة الجانب، ولم يأتِ (أفعل) ههنا للمبالغة بينه وبين النَّبيِّ صلعم، بل: أنت فظٌّ غليظ، أو تكون للمفاضلة بينهما فيما يجب من الإنكار والخشونة على أهل الباطل؛ كما قال تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة:73]، فيكون عند عمر زيادة في غير هذا من الأمور، فيكون أغلظ بهذا على الجملة _لا على التفصيل_ فيما يُحمَد مِن ذلك، وقد تَقَدَّم [خ¦2125] [خ¦3294].
          قوله: (إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ): قال ابن قُرقُول: (إيهًا)؛ بكسر الهمزة: (كلمة تصديق وارتضاء، وفي نسخة: «إِيهٍ»؛ بكسر الهمزة منوَّنة، وهي كلمةُ استزادةٍ مِن حديثٍ لا تعرفه، و«إيهِ»؛ غير منوَّنة: استزادة من حديث تعرفه، وقال يعقوب: يقال للرَّجل إذا استزدتَه من عملٍ أو حديثٍ: إيهِ، فإن وصلت؛ نوَّنت فقلت: إيهٍ حدِّثْنا، قال ثابت: وتقول: إيهًا عنَّا؛ أي: كُفَّ عنَّا، وويهًا؛ إذا أغريتَه أو زجرته، وواهًا؛ إذا تعجَّبتَ، وقال اللَّيث: «إيهٍ» كلمة زيادةٍ واستنطاقٍ، وقد تنوَّن، و«إيهْ» كلمة زَجْرٍ، وقد تُنوَّن؛ فيقال: إيهًا)، وفي «النِّهاية»: (إيهِ: كلمةٌ يراد بها الاستزادة، وهي مبنيَّةٌ على الكسر؛ فإذا وصلْتَ؛ نوَّنْتَ، فقلت: إيهٍ حدِّثنا، فإذا قلت: إيهًا _بالنصب_؛ فإنَّما تأمره بالسُّكوت)... إلى أن قال: (وقد ترد المنصوبة _يعني: إِيْهًا_ بمعنى التَّصديق والرِّضا بالشيء) انتهى، وفي «الصِّحاح» بعد أن ذكر (إِيهِ): (فإذا سكَّتَّه؛ قلت: إيْهًا عنَّا، وإذا أردت البعيد؛ قلت: أَيْهًا _بفتح الهمزة_؛ بمعنى: هيهات).
          قوله: (فَجًّا): تَقَدَّم أنَّها الطريق المتَّسعة، وقد قدَّمتُ كلام القاضي عياض في (باب صفة إبليس وجنوده) [خ¦3294]، وكذا تَقَدَّم (قَطُّ) ولغاتها [خ¦7].