التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب مناقب علي بن أبي طالب

          (بابٌ مَنَاقِبُ عَلِيٍّ ☺)... إلى (باب مَنَاقِب جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ☺)
          تنبيهٌ: قال ابنُ عبدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: (قال أحمدُ ابن حنبل وإسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضي: لم يُرْوَ في فضائل أحدٍ مِنَ الصَّحابة بالأسانيد الحِسان ما رُوِيَ في فضائل عليِّ بن أبي طالبٍ، وكذلك قال أحمدُ بن شعيب النَّسَويُّ)، انتهى.
          هو عليُّ بن أبي طالبٍ عبدِ مَناف _هذا هو المشهور، وقيل: اسمُه كنيتُه، وقيل: اسمُ أبي طالبٍ عِمرانُ، ولا يصحُّ، وقد قدَّمتُ ذلك [خ¦1008]_ ابن [عبد المطَّلب بن هاشم بن] عبد مَناف، وأمُّه: فاطمةُ بنت أَسَدِ بن هاشمِ بن عبد مَناف، أسلمت وهاجرت، وتُوُفِّيَت في حياةِ رسولِ الله صلعم، وصلَّى عليها ◙، ونَزل في قبرِها، وحَمَل في سريرها، وهي أوَّلُ هاشميَّةٍ وَلَدت هاشميًّا، كنيةُ عليٍّ ☺: أبو الحسن، كما قال البُخاريُّ، وكنَّاه ◙ أبا تُراب، وهو لقبٌ له، كنَّاه بذلك ◙ في غزوة العُشَيرة _كما سيأتي فيها من كلامي [خ¦64/1-5872]_ ذكر ذلك ابنُ إسحاقَ، وهو في «مستدرك الحاكم»، وسكت عليه الذَّهبيُّ الحافظُ، وقد ذكر ابنُ إمامِ الجوزيَّة الحافظُ شمسُ الدين هذا المكان _أعني: أنَّه ◙ كنَّاه بذلك في العُشيرة_ من عند الدِّمياطيِّ، وتعقَّبه وقال: (إنَّما كنَّاه رسولُ الله صلعم أبا تراب بعد بدرٍ)، وذكر قصَّة «الصحيح»، ثمَّ قال: (وهو أوَّل يوم كنى فيه رسولُ الله صلعم أبا تراب)، فغلَّط هذا المكان، وجعل قصَّة «الصحيح» هي الصحيحة، ولم يجمع بينهما، انتهى.
          مناقبُه غزيرةٌ، فقيل: منها: أنَّه أوَّل مَن أسلم، وادُّعِيَ فيه الإجماع، وفيه نظرٌ.
          ضربه عبدُ الرَّحْمَن بن مُلْجَم؛ بضمِّ الميم، وإسكان اللام، وفتح الجيم، وهذا ظاهرٌ، وقد ضبطه كذلك الإسنويُّ في «مُهِمَّاته» في (قتال البُغاة)، ومِن قبله النَّوويُّ في «تهذيبه» في الأبناء، وزاد: أنَّه بسكون اللام، وعبدُ الرَّحْمَن خارجيٌّ عدادُه في بني مراد، فقُطِعت أربعتُه ولسانُه، وسُمِلت عيناه، ثمَّ أُحرِق، وكان عابدًا قانتًا لله، لكن خُتِم له بشرٍّ، نسأل الله العافية، ضربه ابن مُلْجَم بسيفٍ مسمومٍ في جبهته، فأوصله دماغَه، فقُتِل ليلة الجمعة، وقيل غير ذلك، وتُوُفِّيَ عليٌّ ☺ بالكوفة ليلة الأحد التي تلي الجمعة تاسعَ عشرَ رمضان سنة أربعين _وقال مغلطاي: (وفي «تاريخ ابن أبي عاصم»: سنة تسع وثلاثين، وفيه غرابةٌ)، انتهى_ وهو ابن ثلاثٍ وستِّين سنةً على الأصحِّ.
          تنبيهٌ: قد شارك ابنَ مُلْجَم في دم عليٍّ ☺ شخصٌ يُقال له: شَبيب بن بَجَرَة، خارجيٌّ أشجعيٌّ، و(بَجَرَة): بفتح أوَّله _وهو موحَّدة_ ثمَّ جيمٌ ثمَّ راء مفتوحتان، ثمَّ تاء التأنيث، ذكره ابن ماكولا في «إكماله»، والذَّهبيُّ في «المشتبه».
          ثمَّ اعلم أنَّ النَّسائيَّ ذكر حديثَ عَمَّارِ بنِ ياسرٍ عنه ◙ أنَّه قال لعليٍّ: «أشقى الناس الذي عَقَرَ الناقةَ، والذي يضربُك على هذا _ووضع يده على رأسه_ حتَّى تخضب هذه»؛ يعني: لحيته، وعبدُ الرَّحْمَن بن مُلْجَم ذكره الذَّهبيُّ في «تجريد الصَّحابة»، وقال: (ذكر ابنُ يونسَ أنَّه قرأَ على مُعاذ ابن جَبَل)، انتهى، وذكره في «ميزانه»، والله أعلم.