التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب مناقب جعفر بن أبي طالب

          (بابُ مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ☺)... إلى (بابُ مناقبِ الأَنْصارِ)
          اعلم أنِّي قد قدَّمتُ أنَّ أفضلَ الصَّحابةِ على الإطلاق أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ، ثمَّ عُمَر بن الخَطَّاب، ثمَّ عثمان قبل عليٍّ، وقيل: بالعكس، والأوَّل ذهب إليه الأكثرون، قال أبو منصور البغداديُّ مِنَ الشافعيَّة: أصحابُنا مُجمِعون على أنَّ أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثمَّ [بقيَّة] العشرة، ثمَّ البدريُّون، ثمَّ أصحاب أُحُد، ثمَّ أهل بيعة الرضوان، وقد قدَّمتُ ما قاله ابنُ عبدِ البَرِّ في تقديم أهل بيعة الرضوان بعد البدريِّين، وذكرتُ أيضًا ما قاله ابنُ عبد البَرِّ في أوَّل (مناقب الصَّحابة) [خ¦62/2-5507]، وهو غريبٌ، والذي عمله / البُخاريُّ ليس كذلك، والظَّاهر أنَّه مشى على ما سيق عن ابن عبد البَرِّ في أوَّل (مناقب الصَّحابة)، والله أعلم، وكان الأَولى والأحسنُ _والله أعلم_ ذِكْرَ العشرةِ على ترتيبهم عنده، بل على ما سبق في الحديث، ثمَّ ما ذكرناه عن أبي منصور، أو أنَّه يقَدِّم بعد العشرة مَن رأى تقديمَه، ويحتمل أن يكون جعفرٌ عنده أفضلَ ممَّن ذَكَرَه بعده، وكما هو مقتضى كلامِ ابن عبد البَرِّ، وقد قال أبو هريرة ☺: (ما احتذى النِّعالَ ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا ركب الكُورَ بعد رسولِ الله صلعم أفضلُ مِن جعفرٍ)، أخرجه النَّسائيُّ والتِّرمذيُّ وقال: (حسنٌ صحيحٌ غريبٌ)، والحديثُ صحيحٌ على شرط البُخاريِّ غير أنَّ عكرمةَ مولى ابنِ عبَّاسٍ تحايده مالكٌ، ولم يخرِّج له مسلمٌ في الأصول، وإنَّما قرنه، والباقون قد أخرج لهم الأئمَّة السِّتَّة، والله أعلم بمرادِ البُخاريِّ، والحديث المشار إليه في «المستدرك» أيضًا، وقال: (على شرط البُخاريِّ)، وسكت عليه الذَّهبيُّ.
          كنيةُ جعفرٍ: أبو عبد الله، وهو ذو الجناحَين، وسيأتي الكلامُ على جناحَيه [خ¦3709]، استُشهِد بغزوة مؤتة، وقد قدَّمتُ متى كانت [خ¦1246]، وقبرُه وقبرُ صاحبَيه زيدِ بنِ حارثة وعبدِ الله بن رَوَاحة ظاهرةٌ مشهورةٌ بمؤتة مِن أرض الشام على نحو مرحلَتَين من بيت المقدس، قسم له رسولُ الله صلعم بسهمه وأجره في بدرٍ، كما رواه الحاكمُ، وسأذكره فيمَن لم يحضر بدرًا وضُرب له بسهمه وأجره [خ¦3956]، وكان لجعفرٍ يوم تُوُفِّيَ إحدى وأربعون سنةً، وقيل غير ذلك.
          قوله: (أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي): الأُولى بفتح الخاء، والثانية بضمِّها، وقد قدَّمتُه فيمَن يشبه النَّبيَّ صلعم في (الصُّلح) [خ¦2699].