التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول النبي: سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر

          قوله: (سُدُّوا الأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ): تنبيهٌ: حديث سعد بن مالك: (أمر رسول الله صلعم بسدِّ الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب عليٍّ) وهو في «المسند» [خ¦1511]، وفيه: عبد الله بن الرُّقَيم، انفرد عنه عبدُ الله بن شَرِيك فيما أعلم، ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه» من جهة الانفراد عنه، فإن لم يكن روى عنه غير عبد الله بن شريك؛ فهو مجهولٌ، وفيه عبد الله بن شَرِيك، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد رُمِيَ بالتشيُّع مع مناقبه، وكذا حديث ابن عُمرَ نحوه _وهو موقوفٌ عليه_ في «المسند» [خ¦4797]، وسيأتي ما فيه، وحديث ابن عبَّاس مثل حديث ابن عُمر [خ¦3061]، وحديث زيد بن أرقم: «سدُّوا الأبواب إلَّا باب عليٍّ» وهو في «المسند»، وفي سنده ميمون مولى عبد الرحمن بن سَمُرة، مُتَكَلَّم فيه، والحديثُ المذكورُ ممَّا أُنكِر عليه، وحديث جابرٍ: «سدُّوا الأبواب إلَّا باب عليٍّ»، وأومأ بيده إلى عليٍّ؛ لا تصحُّ كلُّها، وقد ذكرها بِرُمَّتها أبو الفرج الحافظُ ابنُ الجوزيِّ في «موضوعاته»، وتكلَّم عليها فردًا فردًا، قال ابن الجوزيِّ عقيب الكلام على هذه الأحاديث: (وهذه الأحاديثُ كلُّها مِن وضع الرَّافضة، قابلوا بها الحديثَ المتَّفقَ على صحَّته في سدِّ الأبواب غير باب أبي بكر ☺)، انتهى.
          وقد روى أحمدُ في «المسند» من حديث ابن عبَّاس حديثًا طويلًا، وفيه: «وسدُّوا أبواب المسجد غير باب عليٍّ» [خ¦3061]، وهو عند التِّرمذيِّ؛ أعني: أنَّه أمر بسدِّ الأبواب إلَّا باب عليٍّ، في سنده فيهما أبو بَلْج؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان اللام، وبالجيم، وهو مُتَكَلَّم فيه، وقد ذكره في «الميزان»، وذكر من مناكيره هذا الحديثَ وغيرَه، وقد قال التِّرمذيُّ عقيب إخراجه حديثَ ابنِ عبَّاسٍ الذي فيه أبو بَلْج: (غريبٌ، لا نعرفه عن شعبة إلَّا مِن هذا الوجه)، قال المِزِّيُّ: (قال أبو القاسم _يعني: ابن عساكر_: وقد رُوِيَ عن أبي جعفر عبد الله بن محمَّد بن نُفيل النُّفيليِّ _وهو ثقةٌ_ عن مسكين بن بُكَيْر عن شعبة، وقال الحاكمُ أبو عبد الله: إنَّ مسكينًا تفرَّد به، وكلاهما وَاهِمٌ في قوله)، انتهى.
          وفي «المسند» أيضًا الحديثُ الموقوفُ على ابن عُمَر، وفيه: (وسدُّوا الأبواب إلَّا بابه) [خ¦4797]؛ يعني: باب عليٍّ، وفي سنده هشام بن سعد، وفيه مَقالٌ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وفيه أيضًا عُمر بن أَسِيد بن جارية الثقفيُّ، واختُلِف عنه، فروى إبراهيمُ بنُ إسماعيلَ الأنصاريُّ عنِ الزُّهريِّ عن عَمرو أو عُمَر، وروى مَعْمَرٌ عنِ الزُّهريِّ عن عُمرَ بنِ أبي سفيان، قال أبو زُرعة: (عُمر بن أَسِيد أصحُّ)، وكذلك ذكره الدارقطنيُّ في «المؤتلِف والمختلِف»، وقال ابن أبي حاتم: (قال أبي: عَمرو بن أبي سفيان بن أَسِيد بن جارية)، وقد ذكره المِزِّيُّ في «تهذيبه» _وتابعه الذَّهبيُّ_ في (عَمرو)؛ بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وقد تقدَّم ذلك [خ¦3045].