التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود

          ░11▒ (بَابٌ: إِذَا بَاعَ الوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ)
          2312- ذكر فيه حديثَ أبي سعيد الخُدْريِّ: (جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ _صلعم_ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ _صلعم_، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بهِ).
          وقد سلف في باب: إذا أراد بيع تمرٍ بتمرٍ خيرٍ منه [خ¦2202]، والبخاريُّ رواه هنا عن إسحاق، قال الجَيَّانيُّ: لم ينسبه أحدٌ مِنْ شيوخنا فيما بلغني، قال: ويُشبه أن يكون ابنَ منصورٍ، فقد روى مسلمٌ عنه عن يحيى بن صالح هذا الحديث، وقال في الكسوف [خ¦1045] وهنا، والأيمان والنذور [خ¦6626] وعُمرة الحديبية [خ¦4171]: (حَدَّثَنا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ).
          والبَرْنِيُّ بفتح الباء مِنْ أطيب التَّمر.
          وقوله: (أَوَّهْ) قال في «المطالع»: هي بالقصر والتَّشديد وسكون الهاء، كذا رُوِّيناه، وقيل بالمدِّ، قالوا: ولا معنى لِمَدِّها إلَّا بُعْدُ الصَّوت، وقيل: بسكون الواو وكسر الهاء، ومِنَ العرب مَنْ يمدُّ الهمزة ويجعل بعدها واوين فيقول: آوَوْه، وكله بمعنى التَّحزُّن، وعبَّر بـ(أَوَّهْ) ليكون أبلغ في الموعظة، وقال صاحب «العين»: تأوَّهَ الرَّجل آهَةً إذا توجَّع، ويقال: أَوْهَةً لَكَ، في موضعِ مشقَّة وَهَمٍّ، ويقال: أَوَّه مِنْ كذا، على معنى التَّذكُّر والتَّحزُّن.
          وقوله: (عَيْنُ الرِّبَا) أي نفسُ الرِّبا، ولا خلاف أنَّ مَنْ باع بيعًا فاسدًا أنَّ بيعَهُ مردودٌ.
          وقوله (أَوَّهْ) دليلٌ على فسخِهِ؛ لأنَّ الله _تعالى_ قد أمر في كتابه وقضى بِرَدِّ رأس المال بقوله _تعالى_: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} إلى قوله: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة:278-279] وقد رُوي في هذا الحديث عن بلالٍ أنَّه _◙_ قال: ((ارْدُدْهٌ))، وفي روايةٍ عنه: ((انطلق فَرُدَّهُ على صاحبه، وخذْ تمرَك وبِعْهُ بحنطةٍ أو شعيرٍ، ثُمَّ اشترِ مِنْ هذا التَّمر، ثمَّ جئني)) وساق الحديث، وإنَّما الغرضُ في بيع الطَّعام مِنْ صنفٍ واحدٍ مثلًا بِمِثْلٍ التَّوسعةُ على النَّاس، ولئلَّا / يستولي أهل الجِدَةِ على الطَّيِّبِ.