شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب يأجوج ومأجوج

          ░28▒ بابُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
          فيه: زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ الإبْهَامِ والَّتي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ). [خ¦7135]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يُفْتَحُ الرَّدْمَ، رَدْمُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، مِثْلُ هَذِهِ، وَعَقَدَ تِسْعِينَ). [خ¦7136]
          قال المؤلِّف: ذكر يحيى بن سَلَّام عن سعيد بن أبي عَرُوبة عن قَتادة عن أبي(1) رافع عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلعم قال: ((إِنَّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ يَخْرِقُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: اِرْجِعُوا فَتَخْرِقُونَهُ غَدًا فَيُعِيْدُهُ اللهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وأَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ على النَّاسِ حَفَرُوا، حتَّى إذَا كَادُوا يَرَونَ شُعَاعَ الشَّمسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: اِرْجِعُوا فَسَتَخْرِقُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ. فَيَغْدُونَ إِلَيهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَخْرِقُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيُنَشِّفُونَ(2) المِيَاهَ، ويَتَحَصَّنُ(3) النَّاسُ مِنْهُمُ فِي حُصُونِهِم فَيَرْمُونَ سِهَامَهُمْ فَتَرْجِعُ إِلَيهُمُ والدِّمَاءُ فِيْهَا، فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا)).
          وذكر علي بن مَعْبَد عن أشعث بن شعبة عن أرطاة بن المنذر قال: إذا خرج يأجوج ومأجوج أوحى الله إلى عيسى ابن مريم: إنِّي قد أخرجت خلقًا مِن خلقي لا يطيقهم أحد غيري، فمُر بمَن معك إلى جبل الطُّور ومعه مِن الذَّراري اثنا عشر ألفًا. قال: ويأجوج ومأجوج ذرء جهنَّم، وهم على ثلاثة أثلاث: ثلث على طور الأَرْز والشربين(4)، وثلث مربَّعٌ طولُه وعرضُه واحد وهم أشدُّ، وثلث يفترش أحدهم أذنَه ويلتحف بالأخرى(5) وهم ولد يافث بن نوح.
          وعن الأوزاعي عن ابن عبَّاس قال: الأرض ستَّة أجزاء فخمسة أجزاء منها يأجوج ومأجوج، وجزء فيه سائر الخلق. وعن كعب الأحبار قال: معاقل المسلمين مِن يأجوج ومأجوج الطُّور.


[1] قوله: ((أبي)) ليس في (ت).
[2] في (ص): ((فيتبعون)).
[3] في (ت) تحتمل: ((وينحصر)).
[4] كذا قرأناها في (ز) وهو نوع شجر، صورتها في (ص): ((والسرس)) وكذا في المطبوع وهو تصحيف.
[5] في (ت): ((ويلتحف الأخرى)).