شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب خروج النار

          ░24▒ بابُ خُرُوجِ النَّارِ.
          وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ).
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى). [خ¦7118]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ(1)، فَلا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا). وَقَالَ مرَّة: (جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ). [خ¦7119]
          وفيه: حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِي زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا). [خ¦7120]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ / رَسُولُ اللهِ، وَحتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ، وَحتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ، فَيَفِيضَ حتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَيَقُولَ(2) الَّذي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي فِيهِ، وَحتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ، وَحتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَه، وَحتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاس أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِها خَيْرًا(3)}[الأنعام:158]، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ، وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ، وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إلى فِيهِ فَلا يَطْعَمُهَا). [خ¦7121]
          قال المؤلِّف: ترجم البخاري في باب خروج النار(4) ولم يسندْه في هذا الموضع(5) اكتفاء بما تقدَّم مِن إسنادِه في كتاب الأنبياء، رواه عن ابن سَلَام عن الفَزَاري عن حُمَيد عن أنس عن النَّبيِّ صلعم، وروى حسين المَرْوَزِي عن عبد الوهَّاب حدَّثنا عُبيد الله(6) بن عُمَر عن نافع عن(7) ابن عُمَر، عن كعب قال: تخرج نار مِن قِبَلِ اليمن تحشر النَّاس، تغدو معهم إذا غدوا، وتقيل(8) معهم إذا قالوا، وتروح معهم إذا راحوا، فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشَّام.
          وكلُّ ما ذكرناه في هذا الحديث مِن الأشراط فهي علامات لقيام السَّاعة كخروج النَّار ومعناها واحد، وقد جاء في حديث أنَّ النَّار آخر أشراط السَّاعة، رواه ابن عُيَينة عن فرات القزَّاز عن أبي الطُّفيل عن أبي سَرِيحة حذيفة بن أَسِيد قال: أشرف علينا النَّبيُّ صلعم مِن غرفة فقال: ((مَا تَذْكُرُونَ؟)) قلنا: نتذاكر السَّاعة قال: ((فَإِنَّهَا(9) لَا تَقُومُ حتَّى يَكُونَ قَبْلَهَا عَشْرُ آيَاتٍ: الدَّجَّالُ والدُّخَانُ والدَّابَةُ وطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ويَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ ونُزُولُ عِيسَى بنِ مَرْيمَ، وثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٍ بِالمَشْرِقِ وخَسْفٍ بِالمَغْرِبِ وخَسْفٍ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ، وآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ)).
          وذكر ابن أبي شيبة، حدَّثنا محمَّد بن بِشْر عن أبي حيَّان عن أبي زُرْعة عن عبد الله بن عَمرو(10)، قال النَّبيُّ صلعم: ((أَوَّلُ(11) الآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وأَيُّهُمَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالأُخْرَى عَلَى إِثرهَا قَرِيبًا مِنْهَا)).
          وحديث أنس أصحُّ مِن هذه الأحاديث، وقد روى حمَّاد بن سلمة عن أبي المُهَزِّم يزيد بن سفيان عن أبي هريرة قال: ((خُرُوجُ الآيَاتِ كُلِّهَا فِي ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ)) أبو المُهَزِّم ضعيف، وقال أبو العالية: الآيات كلُّها في ستَّة أشهر.
          وقولُه: (تُضِيْءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى) فالعرب(12) تقول: أضاءت النَّار وأضاءت النَّار غيرَها.


[1] كذا في (ز) و (ص)، والرواية بزيادة: ((فمن حضره)) بعد قوله: ((من ذهب))، وأثبته في المطبوع عن نسخة الجامع الصحيح المطبوعة.
[2] في (ز) و(ص): ((من يقبل صدقته ويقول)).
[3] قوله: ((أو كسبت في إيمانها خيرا)) ليس في (ص).
[4] قوله: ((النار)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((هذه المواضع)).
[6] في المطبوع: ((عبيد بن عمر)) والصواب المثبت.
[7] زاد في (ص): ((عبد الله)).
[8] في (ص): ((تقيل)).
[9] في (ص): ((إنها)).
[10] في (ز): ((عُمر)) والمثبت من (ص).
[11] في (ص): ((إن)) ((أوَّل)).
[12] في (ص): ((والعرب)).