عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت وغيرها
  
              

          ░33▒ (ص) بابُ ما يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ مِنَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا.
          (ش) أي: هذا باب في بيان الذي يصلَّى بعد العصر.
          و(يُصَلَّى) على صيغة المجهول، و(بَعْدَ العَصْرِ) أي: وبعد صلاة العصر، وكلمة (مِن) بيانيَّة.
          قوله: (وغَيْرِهَا) وفي بعض النُّسَخ: <ونحوها> وقال ابن المُنيِّر: السِّرُّ في قوله: «ونحوها» ليُدخل فيه رواتب النوافل وغيرها، وقال أيضًا: ظاهرُ الترجمة إخراجُ النافلة المحضة التي لا سبب لها انتهى.
          قُلْت: لا نسلِّم أنَّ قوله: (ونحوها) لدخول رواتب [النفل، بل المراد مِن ذلك دخول مثل صلاة الجنازة إذا حضرت في ذلك] الوقت وسجدة التلاوة، والنهي الوارد في هذا الباب عامٌّ يتناول النوافل التي لها سب والتي ليس لها سبب، وقد ذكرنا أنَّ حديث عُقْبَة بن عامر يمنع الكلَّ.
          (ص) وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ♦ صَلَّى النَّبِيُّ صلعم بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقال: «شَغَلَنِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ».
          (ش) / (كُرَيْبٌ) بِضَمِّ الكاف، مولى ابن عَبَّاس، مرَّ في (باب التخفيف في الوضوء).
          و(أُمُّ سَلَمَةَ) أمُّ المؤمنين زوج النَّبِيِّ صلعم ، واسمها هند بنت أبي أميَّة بن المغيرة بن عبد الله بن عَمْرو بن مخزومٍ القُرَشيَّة المخزوميَّة، ماتت في شوَّال سنة تسعٍ وخمسين في آخر ولاية معاوية وولاية الوليد بن عُتْبَة على المدينة، وصلَّى عليها أبو هُرَيْرَة ☺ .
          وهذا التعليق أخرجه مُسندًا في (السهو)، وفي (وفد عبد القيس) عن يحيى بن سليمان [عن ابن وَهْبٍ عن عَمْرو بن الحارث عن بُكير عن كريب: (أنَّ ابن عَبَّاس] والمسور وعبد الرَّحْمَن بن أزهر أرسلوه إلى عائشة...) الحديث بطوله، وفيه: قال: «يا بنتَ أبي أميَّة؛ سألتِ عن الركعتين بعد العصر؟ [وإنَّه أتاني ناسٌ مِن عبد القيس، فشغلوني عنِ الرَّكعتين اللَّتينِ بعد الظهر، فهما هاتان»، وعند مسلمٍ: «ناسٌ مِن عبد القيس بالإسلام مِن قومهم» وعند البَيْهَقيِّ: «قدم عليَّ وفد بني تميم أو صدقة، شغلوني عنهما، فهما هاتان الركعتان».
          قوله: (بَعْدَ الظُّهْرِ) صفة لـ(الركعتين) أي: المندوبتين بعد الظهر، قال الكَرْمَانِيُّ: وهذا دليل الشَّافِعِيِّ في جواز صلاة لها سببٌ بعد العصر بلا كراهة.
          قُلْت: هذا لا يصلح أن يكون دليلًا؛ لأنَّ صلاته صلعم هذه كانت مِن خصائصه، كما ذكرنا فلا يكون حجَّة لذاك]
.