عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب مواقيت الصلاة وفضلها
  
              

          ░2▒ (ص) بابُ مَوَاقِيتِ الصلَاةِ وفَضْلِهَا.
          (ش) مِنَ العادة المُستمرَّة عند المُصنِّفينَ أن يذكروا الأبوابَ بعد لفظ (الكتاب)، فإنَّ الكتاب يَشمَلُ الأبوابَ والفصول، و(الباب) هو النَّوع، وأصله: (البَوَب)، قُلِبَتِ الواوُ ألفًا؛ لتحرُّكها وانفتاحِ ما قبلَها، ويُجمَعُ على (أبوابٍ، وقد قالوا: (أبوِبةٌ)، وإِنَّما جُمِعَ (أبوِبة) في قولِ القتَّال الكلابيِّ:
هتَّاكُ أَخْبيةٍ ولَّاجُ أبْوِبةٍ
          للازدواجِ، ولو أفرَده لم يجُزْ، ويُقال: أبوابٌ مُبوَّبةٌ؛ كما يقال: أصناف مُصنَّفَةٌ، و(البابَة) الخَصلة، و(الباباتُ) الوُجوه، وقال ابنُ السِّكِّيت: البابة عند العرب: الوجه.
          (ص) وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوقُوتًا}[النساء:103]: وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ.
          (ش) (وَقَوْلِهِ) مجرورٌ، عطفًا على (مواقيتِ الصلاةِ) ؛ أي: هذا بابٌ في بيانِ مواقيتِ الصلاةِ، وبيانِ قولِه: ({إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا موقوتًا})، وفَسَّرَ {مَوقُوتًا} بِقوله: (وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ) أي: وقَّت اللهُ الكتابَ _أي: المكتوبَ الذي هو الصلاةُ_ عليهِم؛ أي: على المسلمين، وليس بإضمارٍ قبلَ الذِّكْرِ؛ لوجودِ القرينة.
          ووَقَع في أكثر الرواياتِ: <{مَوقوتًا} مُوَقَّتًا، وَقَّته عليهم>، وليس في بعض النُّسَخ لفظ: (مُوقَّتًا) يعني: بالتشديدِ، واستَشكَلَ ابنُ التين تشديدَ القاف مِن (وقَّته)، وقال: المعروفُ في اللُّغة التَّخفيفُ.
          قُلْت: ليس فيه إشكالٌ؛ لأنَّه جاء في اللغة (وَقَتَهُ) بالتخفيف، و(وَقَّتَه) بالتشديد، فكأنَّه ما اطَّلعَ في «المحكَم» وغيرِه، وقال بعضُهم: أراد بقوله: «موقَّتًا» بيانَ قولِهِ: {مَوقُوتًا}.
          قُلْت: هذا كلامٌ واهٍ، وليس في لفظ {مَوْقُوتًا} إبهامٌ حَتَّى يُبيِّنَه بقوله: (موقَّتًا).
          وعن مجاهدٍ في تفسير قوله: {مَوقُوتًا} يعني: مفروضًا، وقيل: يعني: مَحدودًا.