عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب وقت العشاء إلى نصف الليل
  
              

          ░25▒ (ص) بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان أنَّ وقت العشاء إلى نصف الليل.
          وهذه الترجمة تدلُّ على أنَّ اختياره في آخر وقت العشاء إلى نصف الليل، والدليل عليه حديث الباب، وقد تكلَّمنا بما فيه الكفاية في (باب وقت العصر) فيما مضى.
          وقال الكَرْمَانِيُّ: ظاهرُ الترجمة يُشعِر بأنَّ مذهب البُخَاريِّ أنَّ وقت العشاء إلى النصف فقط، ولهذا لم يذكر حديثًا يدلُّ على امتداد وقته إلى الصبح انتهى.
          قُلْت: مراده مِن هذا وقت الاختيار لا وقت الجواز، وهو صرَّح به قبل كلامه هذا بأنَّ المراد مِن الترجمة الوقتُ المختارُ مِن العشاء.
          وقال الكَرْمَانِيُّ أيضًا: فَإِنْ قُلْتَ: قد تَقَدَّمَ أنَّ الوقت المختار إلى [الثلُث كما قال في الباب السابق: (وكانوا يصلُّون فيما بين أن يغيب الشفق إلى] ثلث الليل) ؟
          قُلْت: لا منافاة بينهما؛ إذ الثلث داخل في النصف.
          (ص) وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا.
          (ش) هذا طرف مِن حديث أبي بَرْزَة الذي تَقَدَّمَ في (باب وقت العصر)، وهو الذي رواه عن مُحَمَّد بن مقاتل، وفيه (وكان يستحبُّ أن يؤخِّر العشاء التي تدعونها العَتَمة).
          فَإِنْ قُلْتَ: هذا لا يطابق الترجمة؛ لأنَّه لم يذكر فيه إلَّا نصف الليل.
          قُلْت: لمَّا وردت أحاديثُ في هذا الباب بعضُها مقيَّد بالثلث وبعضها بالنصف؛ كان النصف غاية التأخير، فدلَّ على الترجمة دلالةً لا تصريحًا.