عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب فضل الصلاة لوقتها
  
              

          ░5▒ (ص) بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ فضلِ الصلاة لوقتها، وكان الأصلَ أن يُقال: فضل الصلاة في وقتِها؛ لأنَّ الوقتَ ظرفٌ لها، ولذكرِه هكذا وجهان:
          الأَوَّل: أنَّ عند الكوفيِّينَ حروف الجرِّ يُقامُ بعضُها مُقامَ البَعض.
          والثاني: اللامُ هُنا مثلُ اللام في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق:1] أي: مُستقبِلاتٍ لعِدَّتِهنَّ، ومثلُ قولِهم: (لقيتُه لثلاثٍ بَقينَ مِنَ الشهر)، وتُسمَّى بلامِ التأقيتِ والتأريخ، وأَمَّا قيامُ اللام مَقامَ (في) ففي قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأنبياء:47]، وقوله: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}[الأعراف:187]، وقولِهم: (مضى لِسبيلِه).
          فَإِنْ قُلْتَ: ففي حديثِ الباب: (على وقتها)، فالترجمةُ لا تُطابِقُه؟
          قُلْت: اللامُ تأتي بمعنى (على) أيضًا؛ نحو قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ}[الإسراء:109]، وَ{دَعَانَا لِجَنْبِهِ}[يونس:12]، {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}[الصافات:103] وعلى الأصل جاء أيضًا في الحديث: أخرجه ابن خُزَيمة في «صحيحه» عن بُنْدَار قال: حَدَّثَنَا عثمان / بن عُمَر: حَدَّثَنَا مالكُ بن مِغْوَل عن الوليد بن العَيْزار عن أبي عَمْرٍو عن عبد الله قال: (سألتُ رسول الله صلعم : أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: «الصلاةُ في أوَّل وقتِها») وأخرجه ابن حِبَّان أيضًا في «صحيحه»، وكذا أخرجه البُخَاريُّ في (التوحيد) بلفظ الترجمة، وأخرجه مسلمٌ بالوجهين.