عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص}
  
              

          ░3▒ (ص) باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِي لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[البقرة:78].
          (ش) أي: هذا بابٌ في ذِكْرِ قول الله ╡ ... إلى آخره, ورواية أبي ذرٍّ: <{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} الآية> وفي رواية الأصيليِّ وابن عساكر: <{الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ...} إلى قوله: {عَذَابٌ أَلِيمٌ}> وساق في رواية كريمةٍ الآيةَ كلَّها, ولم يذكر في هذا الباب حديثًا، وذكر بعده أبوابًا تشتمل على ما في الآية المذكورة من الأحكام، وسيأتي بيانُ سبب نزول هذه الآية, فقال: حَدَّثَنَا قُتَيبة بن سعيد: حَدَّثَنَا سفيان عن عَمْرو عن مجاهد عن ابن عَبَّاس قال: كانت في بني إسرائيلَ قصاصٌ ولم تكن فيهم الدِّية، فقال الله لهذه الأمَّة: {كُتِبَ عليكُمُ القِصاصُ}... إلى آخر الحديث.
          قوله: ({فَمَنْ عُفِي لَهُ}) أي: فَمَن تُرِكَ له مِن أخيه شيء؛ يعني: بعد استحقاق الدم ({فاتِّبَاعٌ}) أي: فذلك العفوُ اتِّباعٌ بالمعروف؛ أي: فَعَلَى الطالب اتِّباعٌ بالمعروف إذا قَبِلَ الدِّيةَ.
          قوله: ({وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}) يعني: مِن القاتل؛ يعني: مِن غير ضَرَرٍ.
          قوله: ({ذَلِكَ}) أي: أخذُ الدِّيَة في العمد ({تَخْفِيفٌ}) من الله عليكم ({وَرَحْمَةٌ}).
          قوله: ({فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ}) أي: فمَن قَتَلَ بعد أخذ الدِّية, ({فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}) أي: مُوجِع شديد.