عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما يكره من السجع في الدعاء
  
              

          ░20▒ (ص) بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ كراهة السجع في الدعاء، و(السَّجْع) كلامٌ مقفًّى مِن غير مراعاة وزنٍ، وقيل: هو مراعاة الكلام على رَوِيٍّ واحدٍ، ومنه: سجعت الحمامةُ؛ إذا رَدَّدَت صوتها، ويقال: إِنَّما يكره إذا تكلَّف السجع، أَمَّا بالطبع فلا، وقال ابن بَطَّالٍ: إِنَّما نهى عنه في الدعاء؛ لأنَّ طلبه فيه تكلُّف ومشقَّة، وذلك مانعٌ مِنَ الخشوع وإخلاص التضرُّع فيه، وقد جاء في الحديث: «إنَّ الله لا يقبل مِن قلب غافلٍ لاهٍ»، وطالب السجع في دعائه همَّتُه في ترويج الكلام وإشغال خاطره بذلك، وهو ينافي الخشوع، قيل: مرَّ في «الجهاد» في «باب الدعاء على المشركين»: «اللَّهمَّ مُنْزِل الكتابْ، سريعَ الحسابْ؛ اهزم الأحزابْ»، وجاء أيضًا: «لا إله إلَّا الله وحده، صدق وَعدَه، ونصر عبده، وأعزَّ جُنْدَه» وأجيب بأنَّ المكروه ما يُقصد ويُتكلَّف فيه كما ذكرنا، وأَمَّا ما ورد على سبيل الاتِّفاق فلا بأس به؛ ولهذا ذمَّ منه ما كان كسَجْع الكُهَّان.