مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يكره من التمني

          ░6▒ باب ما يكره من التمني وقوله: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ} الآية [النساء:32]
          فيه حديث النضر بن أنس قال: قال أنس بن مالك: لولا أني سمعت النبي صلعم يقول: ((لا تتمنوا الموت)) الحديث.
          وحديث قيس قال: أتينا خباب بن الأرت نعوده.
          وحديث أبي هريرة ☺ أن رسول الله صلعم قال: / ((لا يتمنين أحدكم الموت)).
          قال المهلب: بين الله تعالى في هذه الآية ما لا يجوز تمنيه، وذلك ما كان من عرض الدنيا وأشباهه.
          قال الطبري: وقيل: إن هذه الآية نزلت في نساء تمنين منازل الرجال، وأن يكون لهن ما لهم، فنهى الله سبحانه عن الأماني الباطلة إذا كانت الأماني الباطلة تورث أهلها الحسد والبغي بغير الحق. وقال ابن عباس في هذه الآية: لا يتمنى الرجل يقول: ليت لي مال فلان وأهله، فنهى الله عن ذلك، وأمر عباده أن يسألوه من فضله.
          وسئل الحسن البصري: فقيل له: الرجل يرى الدار فتعجبه والدابة تعجبه فيقول: ليت لي هذه الدار ليت لي هذه الدابة؟ قال الحسن: لا يصلح هذا. قيل له: فيقول ليت لي مثل هذه الدار؟ فقال: ولا هذا. قيل له: إنا كنا لا نرى بأساً بقوله: ليت لي مثل هذا. فقال الحسن: ألا ترى قوله تعالى: {اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت:62] أتدري ما يقدر له؟ ينظر إن كان خيراً أن يبسطه له بسطه، وإن كان خيراً أن يمسكه عنه أمسكه، فتنطلق إلى شيء نظر الله فيه أنه خير لك، فأمسكه عنك فيسله إياه، فلعلك لو أعطيت ذلك كان فيه هلكة في دينك ودنياك، ولكن إذا سألت فقل: اللهم إني أسألك من فضلك، فإن أعطاك أعطاك خياراً، وإن أمسك عنك أمسك عنك خياراً.
          ومعنى: نهيه ◙ عن تمني الموت، فإن الله قد قدر الآجال فمتمني الموت غير راض بقدر الله ولا مسلم لقضائه(1).
          وقد بين ◙ ما للمحسن والمسيء في أن لا يتمنى الموت، وذلك ازدياد المحسن من الخير ورجوع المسيء عن الشر، وذلك نظر من الله للعبد، وإحسان منه إليه خير له من تمنيه الموت وتقدم في كتاب المرضى حيث يجوز تمني الموت، في باب: تمني الموت.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول ومثله في الفقر والغنى)).