الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء؟

          ░14▒ (بَابٌ): بالتَّنوين (هَلْ يُؤَذِّنُ): أي: المصلِّي (أَوْ يُقِيمُ): من غير أذانٍ أو معه.
          قال ابن رشيدٍ: ليس في حديثَي الباب تنصيصٌ على الأذان، بل في حديث ابن عُمر منهما: ((يقيم المغرب)) ولم يرد بالإقامة الأذان، فكأنَّ مراده بالتَّرجمة: هل يقتصر على أحدهما، ويكون حديث ابن عمر مفسِّراً لحديث أنسٍ؟
          وقال في ((الفتح)): ولعلَّ المصنِّف أشار بالتَّرجمة إلى ما وردَ في بعضِ طُرُق حديث ابن عُمر، ففي الدَّارقطنيِّ عنه في قصَّة جمعه بين المغربِ والعشاء: ((فنزلَ فأقام الصَّلاة، وكان لا ينادِي بشيءٍ من الصَّلاة في السَّفر، فقام فجمع بين المغرب والعشاء، ثمَّ رفع))...الحديث، انتهى.
          واستبعده العينيُّ بأنَّه كيف يذكر ترجمةً ويشير بها إلى حديثٍ ليس في كتابه ولا يكون حديثها يدلُّ عليها صريحاً؟
          وأقولُ: تقدَّم ويأتي نظير هذا كثيراً، ولا يُشترط في دلالة حديث التَّرجمة الصَّراحةُ، فتدبَّر.
          وأجاب الكرمانيُّ بما حاصله: أنَّه يُستفاد مِن إطلاق فعل الصَّلاتين مِن غير تعرُّضٍ لترك الأذان والإقامة فعلهما بأركانهما وشرائطهما وسننهما، ومِن السُّنن: الأذان والإقامة، وأجاب ابن بطَّالٍ: بأنَّ ((يقيم)) في حديث ابن عُمر يحتمل أن يُراد به ما يشملُ الأذان.
          (إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ؟): أي: وبين الظُّهر والعصر في السَّفر الطَّويل.