الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله

          ░29▒ (بابٌ): بالتَّنوين (لَا يَدْرِي): بكسر الرَّاء؛ أي: لا يعلم (مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى): ((المطر)): فاعل ((يجيء))، و((الله)): فاعل ((يدري))، وهو استثناءٌ مفرَّغٌ، والمعنى: لا يعلم أحدٌ في أيِّ زمانٍ يحصل المطر إلَّا الله تعالى كبقيَّة الخمس الآتية؛ لأنَّه هو الَّذي يُحيط علمه سائر المعلومات واجبها ومستحيلها وجائزها على ما هي عليه، نعم من يظهره تعالى عليها يعلمها، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن:26-27].
          قال في ((الفتح)): عقَّب التَّرجمة الماضية بهذه؛ لأنَّ تلك تُفيد أنَّ المطر إنَّما ينزل بقضاء الله تعالى، وأنَّه لا تأثير للكواكب في نزوله، وقضيَّة ذلك أنَّه لا يعلم أحدٌ متى يجيء. انتهى.
          وذكرها في أبواب الاستسقاء لمناسبتها الأولى المذكورة في أبوابه لِما تقدَّم.
          (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ): ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم: خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ): هذا التَّعليق بعض حديثٍ وصله المصنِّف في الإيمان، وكذا في تفسير لقمان بلفظ: ((في خمسٍ لا يعلمهنَّ إلَّا الله))، وروى ابن مردويه في ((التَّفسير)) عن أبي هريرة رفعه: ((خمسٌ مِن الغيب لا يعلمهنَّ إلَّا الله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان:34] الآية، وسبب نزول هذه الآية: ما رُوي أنَّ الحارث بن عَمرٍو أتى النَّبيَّ فقال: متى السَّاعة؟ وإنِّي ألقيت حباتي في الأرض فمتى تمطر؟ وحمل امرأتي ذكرٌ أم أنثى؟ وما أعمل غداً؟ وأين أموت؟ فنزلت.