نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

          ░8▒ (باب مَا جَاءَ): من الأخبار (فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ): أي: موجودة الآن، وهذا ردٌّ على المعتزلة حيث قالوا: إنَّها لا توجد إلا يوم القيامة، وكذلك قالوا في النَّار: إنَّها تُخْلَقُ يومَ القيامة، وأمَّا أهل السنَّة فقد قالوا: الجنَّة والنَّار مخلوقتان اليوم.
          والجنَّة في الأصل: البستان من الشَّجر المتكاثف المظلِّل بالتفافِ / أغصانِه، والتَّركيبُ دائر على معنى السَّتر، وكأنَّها لتكاثفها وتظلُّلها سميِّت الجنَّة التي هي المرَّة، من جنَّه: إذا ستره، كأنها سترة واحدة؛ لفرط التفافها، وسمِّيت دار الثَّواب: جنَّة؛ لما فيها من الجنان.
          (قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ) هو رفيع الرِّياحي، وقد ذكر في الباب الذي قبله [خ¦3239] ({مُطَهَّرَةٌ} مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالْبُزَاقِ) أشار بذلك إلى تفسير لفظ {مُطَهَّرَةٌ} في قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة:25] وقد وصله ابن أبي حاتم من رواية مجاهد، وزاد: ومن المني والولد. وفي رواية قتادة: من الأذى والإثم. وروي هذا عن قتادة موصولاً عن أبي نضرة، عن أبي سعيد ☺ مرفوعاً.
          قال الحافظ العسقلاني: ولا يصحُّ إسناده، وأخرج الطَّبري نحو ذلك عن عطاء وأتمَّ منه. وقال القاضي: مطهَّرة ممَّا يستقذر من النِّساء، ويذمُّ من أحوالهنَّ كالحيض، والدَّرَن، ودَنَسِ الطَّبع، وسوء الخلق، فإنَّ التَّطهير يستعمل في الأجسام والأخلاق والأفعال.
          ({كُلَّمَا رُزِقُوا}: أُتُوا بِشَيْءٍ ثُمَّ أُتُوا بِآخَرَ {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أُتِينَا مِنْ قَبْلُ) أشار بقوله: {كُلَّمَا رُزِقُوا} إلى قوله تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} [البقرة:25]. فقوله: أتوا بشيء ثم أتوا بآخر؛ أي: بثمر آخر، واستفيد التِّكرار من لفظ كلَّما، فإذا أتوا بآخر قالوا هذا الذي رُزقنا من قبل، وفسَّره بقوله: (أُوْتِيْنَا مِنْ قَبْلُ).
          قال ابن التِّين: هو من أوتيته: إذا أعطيته، وهكذا رواية الأكثرين، ووقع في رواية الكُشْمِيْهَني: <أتينا> من أتيته بالقصر، يعني: جئته. وقال ابن التِّين: والصَّواب هو الأوَّل، وفي القَبْليَّة وجهان: أحدهما: ما رواه السُّدي في ((تفسيره)) عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عبَّاس ☻ ، وعن مرَّة، عن ابن مسعود ☻ ، وعن ناس من الصَّحابة ♥ قالوا: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} قالوا: إنَّهم أوتوا بالثَّمرة في الجنَّة، فلمَّا نظروا إليها قالوا: هذا الذي رُزِقْنا من قبل في دار الدُّنيا، وهكذا قال قتادة وعبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم قالوا: ما دلَّت عليه الآية من عموم قولهم ذلك في كلِّ ما رُزِقُوه، فيدخل في ذلك أوَّلُ رزق رُزِقُوه، فيتعيَّن أن لا يكون قبله إلَّا ما كان في الدُّنيا.
          والآخر: ما قاله عكرمة: {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} قال: معناه مثل الذي كان بالأمس، وهكذا قال الرَّبيع بن أنس. /
          وقال مجاهد: يقولون: ما أشبهه به، وقد يقال: روي أنَّه صلعم قال: ((والذي نفس محمَّد بيده، إنَّ الرَّجل من أهل الجنَّة ليتناول الثَّمرة ليأكلها، فما هي واصلة إلى فيه حتَّى يبدِّل الله تعالى مكانها مثلها)) فلعلَّهم إذا رأوها على الهيئة الأولى قالوا ذلك، والله تعالى أعلم.
          ({وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} [البقرة:25]: يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَيَخْتَلِفُ فِي الطُّعُومِ) فسَّر قوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} بقوله: يشبه بعضه بعضاً ويختلف في الطُّعوم، وهكذا قال أبو جعفر الرَّازي، عن الرَّبيع بن أنس، عن أبي العالية، ولكنَّه قال: في الطَّعم بالإفراد، وهو أيضاً رواية في الصَّحيح.
          وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا سعيدُ بن سليمان: حدَّثنا عامرُ بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير قال: عُشْبُ الجنَّة الزَّعفران، وكثبانُها المِسْك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه، فيأكلونها ثمَّ يؤتون بمثلها، فيقول لهم أهل الجنَّة: هذا الذي أتيتمونا آنفاً به، فيقول لهم الولدان: كلوا، فإنَّ اللَّون واحدٌ، والطَّعم مختلفٌ، وهو قوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً}.
          وقال ابن جرير في ((تفسيره)) بإسناده عن السُّدي: عن أبي مالك، عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس في قوله تعالى: {مُتَشَابِهاً} يعني: في اللَّون والمرأى، وليس يشبه في الطَّعم. وقال عكرمة: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} يشبه ثمر الدُّنيا غير أنَّ ثمر الجنَّة أطيب.
          وقال سفيان الثَّوري: عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبَّاس ☻ : لا يشبه شيء ممَّا في الجنَّة ما في الدُّنيا إلَّا في الأسماء. وفي رواية: ليس في الدُّنيا ممَّا في الجنَّة إلا الأسماء. رواه ابنُ جرير من رواية الثَّوري، وابن أبي حاتم من رواية أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به. وقال الحسن: معنى قوله: {مُتَشَابِهاً} خياراً لا رداءة فيه.
          ({قُطُوفُهَا} يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاؤُوا {دَانِيَةٌ} [الحاقة:23]: قَرِيبَةٌ) قال الكِرماني: كيف فسَّر القطوف بيقطفون؟ قلتُ: جعل قطوفَها دانيةً جملة حاليَّة، وأخذ لازمها. أمَّا قوله: يقطفون كيف شاءوا، فرواه عبد بن حميد من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء ☺ قال في قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}: يتناول منها حيث شاء. وأمَّا قوله: {دَانِيَةٌ} قريبة، فرواه ابنُ أبي حاتم من طريق الثَّوري، عن أبي إسحاق، عن البراء ☺ أيضاً. ومن طريق قتادة قال: دنت فلا يردُّ أيديَهُم عنها بُعْدٌ ولا شَوْكٌ.
          ({الأَرَائِكُ} [الكهف:31]: السُّرُرُ) أشار به إلى / الأرائك في قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} [الكهف:31] وفسَّرها بقوله: السُّرُر، وكذا فسَّره عَبْدُ بن حُمَيد بإسنادٍ صحيحٍ من طريق حصين، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس ☻ قال: الأرائك: السُّرُر في الحجال. ومن طريق منصور عن مجاهد نحوه، ولم يذكر ابن عبَّاس ☻ . والأرائك: جمع أريكة.
          قال ابنُ فارس: الأريكة: الحجلة على السُّرر، لا تكون إلَّا كذا. وعن ثعلب: الأريكة: لا تكون إلَّا سريراً متَّخذاً في قبَّة عليه شوار (1) ومخدَّة.
          والشُّوار، بضم الشين المعجمة وتخفيف الواو: متاع البيت. والحَجَلة، بالتحريك: بَيْتٌ له قبَّة يُسْتَر بالثِّياب، ويكون له أزرارٌ كبار.
          (وَقَالَ الْحَسَنُ) أي: البصري (النَّضْرَةُ فِي الْوُجُوهِ، وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ) أشار بهذا إلى تفسير قوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} [الإنسان:11] وأوَّله: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} [الإنسان:11] أي: يقي الله الأبرار شرَّ ذلك اليوم الذي يخافونه من شدائده. و{لَقَّاهُمْ} أعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة في الوجوه: وهي أثر النِّعمة وحسن اللَّون والبهاء، وسروراً في القلوب. وأَثَرُ الحَسَنِ رواه عبد بن حُميد من طريق مبارك بن فضالة عنه.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلاً}: حَدِيدَةُ الْجِرْيَةِ) أشار بذلك إلى تفسير ما في قوله تعالى: {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً}[الإنسان:18] وقوله: عيناً بدل من قوله: زنجبيلاً فيما قبله في قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً} [الإنسان:17] أي: ما يشبه الزَّنجبيل في الطَّعم، وكانت العرب يستلذُّون الشَّراب الممزوج به، وإنَّما أبدله منه؛ لينفي عنه لَذْعَ الزَّنجبيل، ويَصِفَها بِنَقِيْضِه. وقوله: {فِيهَا} أي: في الجنَّة.
          وقال الزَّجاج: أي: يسقون عيناً فيها تسمَّى سلسبيلاً لسَلاسة انحدارها في الحلقِ وسُهولة مَساغها.
          وقال أبو العالية ومقاتل بن حيَّان: سمِّيت سلسبيلاً؛ لأنَّها تسبل عليهم في الطُّرق وفي منازلهم، تنبعُ من أَصْلِ العَرْش من جنَّة عدن إلى أهل الجنان. والسَّلسبيل في اللُّغة: وصف لما كان في غاية السَّلاسة، يقال: شراب سَلْسَبيل وسَلْسَل وسَلْسَال، وقد زيدت الباء فيه حتَّى صار خماسياً، ودلَّ على غاية السَّلاسة، وأثر مجاهد هذا وصله سعيدُ بن منصور وعَبْدُ بن حُميد بإسنادهما عنه.
          وقوله: حَدِيدة، بفتح المهملة وكسر الدال المهملة الأولى؛ أي: قويَّة الجرية وشديدتها، والجرية: بمعنى الجريان. /
          وقال القاضِي عياض: رواها القابسي: جريدة الجرية، بالجيم وبالراء بدل الحاء والدال المهملتين، وفسَّرها: باللَّينة. قال: والذي رواه لا يُعْرف، وإنَّما فسَّروا السَّلسبيل بالسَّهلة اللَّينة الجرية. انتهى.
          يشير بذلك إلى تفسير قتادة، رواه عبد بن حُميد عنه قال في قوله تعالى: {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} [الإنسان:18] قال: سلسة لهم يصرفونها حيث شاءوا. وقد روى عبد بن حُميد أيضاً عن مجاهد قال: تجرِي شبيه السَّلسبيل، وهذا يؤيِّد رواية الأصل أنَّه أراد قوَّة الجري.
          قال الحافظ العسقلاني: والذي يظهر أنَّهما لم يتواردا على نحو واحد، بل أراد مجاهد صفة جري العين. وأراد قتادة صفة الماء. وروى ابنُ أبي حاتم عن عكرمة قال: السَّلسبيل: اسم العين المذكورة، وهو ظاهر الآية، ولكن استبعد؛ لوقوع الصَّرف فيه، وفي الاستبعاد نظرٌ، وأبعد من زعم أنَّه كلام مفصول من فعل أمر ومفعول؛ أي: سلَّ سبيلاً، فسمِّيت به، كتأبَّط شرًّا؛ لأنَّه لا يشرب منها إلَّا من سال إليها سبيلاً بالعمل الصَّالح.
          ({غَوْلٌ} وَجَعُ الْبَطْنِ) أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {لَا فِيْهَا غَوْلٌ} [الصافات:47] وفسَّره بوجع البطن، وهذا التَّفسير مرويٌّ عن مجاهد، رواه عبد بن حُميد. وعن ابن عبَّاس ☻ وقتادة: صداع؛ أي: كما في خمور الدُّنيا، إذ فيها خمار وصُداع، وهو من غاله يغولُه: إذا أفسدَه.
          ({يُنْزَفُونَ}: لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ) أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات:47] وفسَّر {يُنْزَفُونَ} بقوله: لا تذهب عقولهم عند شرب خمر الجنَّة. وهذا التَّفسير مروي عن ابن عبَّاس ☻ وغيره. وقرئ: ((ينزِفون)) بكسر الزاي وفيه قولان: أحدهما: أنَّه من أنزف الرَّجل إذا نَفِدَ شرابه. والآخر: أنه من أنزف: إذا سكر، وأمَّا نزف إذا ذهب عقله من الشُّرب فمسموعٌ مشهور، وإذا فُسِّرَ الغولُ بالغائلة يكون إفرادُه بالنَّفي بعده، وعطفه على ما يعمُّه؛ لأنَّه من عظم فساده كأنَّه جنس برأسه.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {دِهَاقاً}: مُمْتَلِئاً) أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسَاً دِهَاقاً} [النبأ:34]، وفسَّر الدِّهاق بقوله: ممتلئاً، يقال: أدهقَ الحوضَ: ملأه. وقد وصله عَبْدُ بن حُميد من طريق عكرمة عنه قال: الكأس الدِّهاق: الممتلئة المتتابعة.
          وروى الطَّبري عن أبي كُريب: حدَّثنا مروان بن يحيى، عن مسلم بن نسطاس: قال ابن عبَّاس ☻ لغلامه: اسقني / دهاقاً، قال: فجاء بها الغلام ملأى، فقال ابن عبَّاس ☻ : هذا الدِّهاق. وروي أيضاً عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس ☻ في قوله: {كَأْسَاً دِهَاقاً}: مَلْأَى.
          ({كَوَاعِبَ}: نَوَاهِدَ) أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً} [النبأ:33] وفسَّر {كَوَاعِبَ} بقوله: نواهد، وهذا التَّفسير مروي عن ابن عبَّاس ☻ . رواه ابنُ أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه.
          والنَّواهد: جمع ناهد، وهي التي بدا نهدُها، يقال: نهدُ الثَّدي: إذا ارتفعَ عن الصَّدر وصار له حجم، والأتراب: جمع تَرِب، بالكسر، وهو القرن والمثل(2) .
          (الرَّحِيقُ: الْخَمْرُ): أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {رَحِيْقٍ مَخْتُومْ} وفسَّر الرَّحيق: بالخمر. وهذا التَّفسير، وصله الطَّبري من طريق عليِّ بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس ☻ في قوله تعالى: {رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} قال: الخمرُ: ختم بالمسك. وقيل: الرَّحيقُ: الخالص من كلِّ شيءٍ. وقال مجاهد: يشربها أهل الجنَّة صرفاً(3) .
          (التَّسْنِيمُ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): أشار بذلك إلى تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} وفسَّره بقوله: يعلو شرابَ أهل الجنَّة، وهذا التَّفسير وصله عبد بن حُميد بإسنادٍ صحيحٍ، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبَّاس ☻ قال: التَّسنيم: يعلو شراب أهل الجنَّة، وهو صرف للمقرَّبين، ويخرج لأصحاب اليمين. وقال الجوهريُّ: التَّسنيم: اسمُ ماء في الجنَّة سمِّي بذلك؛ لأنَّه يجري فوق الغرف والقصور(4) .
          ({خِتَامُهُ} طِينُهُ {مِسْكٌ}): أشار بذلك إلى تفسير قوله تعالى: {رَحِيقٍ مَخْتُومٍ. خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين:26] وفسَّر قوله: {خِتَامُهُ} بقوله: طينه. وهذا التَّفسير وصله ابنُ أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قال: طينه مسك. ومن طريق أبي الدَّرداء في قوله: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قال: هو شرابٌ أبيض مثل الفضَّة، يختمون به آخر شرابهم. وعن سعيد بن جبير وإبراهيم النَّخعي: ختامه: آخر طعمه.
          ({نَضَّاخَتَانِ}: فَيَّاضَتَانِ) / أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن:66] وفسَّر قوله: {نَضَّاخَتَانِ} بقوله: فيَّاضتان؛ أي: فوَّارتان بالماء. روي ذلك عن ابن عبَّاس ☻ ، وصله ابنُ أبي حاتم من طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه. والنَّضْخُ بالمعجمة في اللُّغة أكثر من المهملة.
          (يُقَالُ: {مَوْضُونَةٌ}: مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ) أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة:15] وفسَّر الموضونة بالمنسوجة؛ أي: المنسوجة بالذَّهب، وقيل: بالجواهر واليواقيت، ومنه: وضين النَّاقة وهو البطان، وإنَّما سمَّت العربُ وضينَ النَّاقة وضيناً؛ لأنَّه منسوج.
          وقال أبو عبيدة في ((المجاز)) في قوله: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ}: متداخلة، كما يُوْصَلُ حِلَقُ الدِّرع بعضُها في بَعْضٍ مضاعفة. قال: والوضين: البطان وهو كالحزامِ للسَّرج إذا نسج بعضه على بعض مضاعفاً، وهو وضين في موضع موضون(5) .
          وروى ابن أبي حاتم من طريق الضَّحَّاك في قوله: {مَوْضُونَةٍ} قال: التَّوضين: التَّشبيك والنَّسيج، تقول: وسطها مشبَّك منسوج. ومن طريق عكرمة في قوله: موضونة قال: مشبكة بالدُّرِّ والياقوت.
          (وَالْكُوبُ: مَا لاَ أُذُنَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا) أشار بهذا إلى تفسير قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} [الواقعة:18] والأكواب: جمع كوب، وفسَّره بقوله: والكوب ما لا أذن له ولا عروة، وقيل: الكوب المستدير لا عرى له، ويجمع على أكواب، ويجمع الأكواب على أكاويب، والأباريق: جمع إبريق على وزن إفْعِيْل، أو فِعْلِيْل، وما ذكره البخاري هو قول الفرَّاء سواء. وروى عبد بن حُميد من طريق قتادة قال: الكوب: دون الإبريق ليس له عروة.
          ({عُرُباً}: مُثَقلَةً، وَاحِدَتُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ: صَبُورٍ وَصُبُرٍ) إشارة إلى ما في قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً. عُرُباً } [الواقعة:36-37] وقوله مثقلة؛ أي: مضمومة الراء، وقرئ: بإسكان الراء أيضاً. قال الحافظُ العسقلاني: مرادهم بالتَّثقيل الضم، وبالتخفيف الإسكان. وقوله: واحدتها عَرُوب مثل صَبُور وصُبُر؛ أي: على وزنه، وهذا قول الفرَّاء.
          وحُكِيَ عن الأعمش قال: كنت أسمعهم يقولون: عُرْباً بالتخفيف، / وهو كالرُّسُل والرُّسْل؛ فالتخفيف في لغة تميم وبكر. قال الفرَّاء: والوجه التَّثقيل؛ لأن كل فعول أو فعيل أو فعال جمع على هذا المثال فهو مثقل، مذكراً كان أو مؤنثاً. وذكر النَّسفي في ((تفسيره)) في قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} عذارى {عُرُباً} عواشق محبَّبات إلى أزواجهنَّ، جمع: عَروب.
          وقال الحسن: العَروب: المَلقة. وقال عكرمة: الغَنِجَة. وقال ابن زيد: الشَّكِلة. وعن زيد بن حارثة: حسان الكلام. وقيل: حسنة الفعل. وجزم الفرَّاء: بأنَّ العروب: الغَنِجة، والأكثر على أنَّها هي المتحببة إلى الزَّوج الحسنة التَّبَعل(6) .
          (يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ: الْعَرِبَةَ) بفتح العين وكسر الراء وفتح الباء، وجزم الفرَّاء بأنَّها الغَنِجة كما تقدَّم، وأخرجه ابنُ أبي حاتم عن عكرمة كذلك. وأخرج الطَّبري من طريق تميم بن حَذْلم في قوله: عُرُباً قال: العَرِبة: الحسنة التبعُّل، كانت العرب تقول: إذا كانت المرأةُ حسنةَ التَّبَعل: أنها لَعَرِبَه.
          ومن طريق عبيد الله بن عبيد بن عُمَير المكِّي قال: العَرِبة: التي تشتهي زوجها. ألا ترى أنَّ الرَّجل يقول للنَّاقة: إنها لَعَرِبَة.
          (وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: الْغَنِجَةَ) بفتح الغين المعجمة وكسر النون وبالجيم، من الغنج، وهو التكسُّر والتذلُّل في المرأة، وقد غنجت وتغنَّجت (وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: الشَّكِلَةَ) بفتح الشين المعجمة وكسر الكاف، ذات الدَّل. وقد روى ابنُ أبي حاتم من طريق زيد بنِ أسلم قال: العَروب: الحسنة الكلام. ومن طريق جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعاً: ((العرب كلامهنَّ عربي))، وهو ضعيف منقطع.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رَوْحٌ}: جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ، وَالرَّيْحَانُ: الرِّزْقُ) أشار بهذا إلى تفسير قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة:89] وفسَّره مجاهد روحاً بجنَّة ورخاء، وفسَّر الرَّيحان بالرِّزق. وقال الفريابي: حدَّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى: {فَرَوْحٌ} قال: جنَّة {وَرَيْحَانٌ} قال: رزق.
          وأخرج البيهقي في ((الشُّعب)): من طريق آدم، عن وَرْقاء بسنده بلفظ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} قال: الرُّوح جنَّة ورخاء، والرَّيحان الرِّزق. وقيل: روح طيب ونسيم، وقيل: الاستراحة. ومن قرأ: بضم الراء أراد الحياة التي لا موت معها. وقيل: المراد الرَّحمة؛ لأنها كالسَّبب لحياة المرحوم بالحياة الدَّائمة. وعن الحسن: الرَّيحان: ريحاننا هذا.
          (وَالْمَنْضُودُ: الْمَوْزُ، / وَالْمَخْضُودُ: الْمُوقَرُ حَمْلاً، وَيُقَالُ أَيْضاً: لاَ شَوْكَ لَهُ) أشار إلى تفسير قوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ. وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} وفسَّر قوله: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} بأنَّه الموز(7) .
          وقال القاضي عياض: وقع هنا تخليط، والصَّواب والطَّلح: الموز، والمنضود: الموقَرُ حملاً الذي نَضَد بعضه على بعضٍ من كثرة حمله.
          قال العيني: واستصوبَ بعضُهم ما قاله البخاري، وفي ضمنه ردٌّ على القاضي عياض، والصَّواب ما قاله القاضي عياض؛ لأنَّ المنضود ليس اسم الموز، وإنَّما هو صفة الطَّلح.
          قال النَّسفي في ((تفسيره)): طلح: شجر موز. وعن السُّدِّي: شجرٌ يُشبه طلح الدُّنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل. وقال النَّسفي أيضاً: حكي أنَّ رجلاً قرأ عند علي ☺: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} فقال علي: وما شأن الطَّلح إنَّما هو طلع منضود، ثم قرأ: {طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء:148]، فقيل: إنَّها في المصحف بالحاء أفلا نُحَوِّلُها، فقال: إنَّ القرآن لا يُهَاجُ اليوم ولا يُحَوَّل.
          وعن الحسن: ليس الطَّلح بالموز، ولكنَّه شجرٌ له ظلٌّ بارد طيِّب. وقال الفرَّاء وأبو عبيدة: الطَّلح عند العرب: شجرٌ عظامٌ ليس لها شوك. وقيل: هو شجرُ أم غيلان، وله نُوَّارٌ كثيرٌ طيِّبُ الرَّائحة، وعلى كلِّ تقديرٍ فالمنضودُ صفةٌ، وليس باسم، ومعناه: متراكمٌ قد نَضَد بالحملِ من أسفله إلى أعلاه، فليست له ساقٌ بارزة. وقال مسروق: أشجار الجنَّة من عُرُوقها إلى أفنانها ثمرٌ كلُّه. انتهى.
          أقول: قال الفريابيُّ والبيهقيُّ عن مجاهد في قوله: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} قال: الموزُ: المتراكم، والسِّدْر المخضود الموقر حملاً، ويقال أيضاً: لا شوكَ له، وذلك لأنَّهم كانوا يعجبون بوَجٍّ وظلاله من طلحٍ وسدرٍ، ولفظ: وَجَّ، بفتح الواو وتشديد الجيم، بالطَّائف، والظَّاهر من ذلك أنَّ قوله: الموز المتراكم، تفسير للطَّلح المنضود لا للمنضود فقط.
          وأمَّا قوله: الموقر حملاً، فهو تفسيرٌ للمخضود في قوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة:28] لا تفسيراً للمنضودِ في عبارة البخاري.
          فكأنَّ القاضي عياض لم يقف على أثر مجاهد فقال: الذي وقع في البخاري تخليط، والصَّواب: والطَّلح: الموز، والمنضود: الموقر حملاً الذي نَضد بعضُه على بعض من كثرة حملهِ. نعم الأظهر في العبارة أن يقال: والطَّلح المنضود: الموز المتراكم، والمخضود: / الموقر حملاً.
          وقد نقل الطَّبري القولين عن جمع من العلماء بأسانيد إليهم، فنقلَ الأوَّل عن مجاهد والضَّحَّاك وسعيد بن جُبير، ونقل الثَّاني عن ابن عبَّاس وقتادة وعكرمة وقسَّامة بن زُهير وغيرهم، وكأنَّ القاضي عياض استبعدَ تفسير الخضد بالثِّقل؛ لأنَّ الخضد في اللُّغة: القطع.
          وقد نقل أهل اللُّغة: أنَّ الخضد أيضاً: الثَّني، وعليه يحمل التَّأويل الأوَّل؛ أي: إنَّه من كثرة حمله انثنى، فظهر بذلك أنَّ الذي وقع في البخاري صحيحٌ أيضاً لا تخليط، فافهم.
          (وَالْعُرُبُ: الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ) كذا أخرجه عبد بن حُميد والطَّبراني والطَّبري وغيرهم من طريق مجاهد قال: العربُ: العواشق. وأخرج الطَّبري نحوه عن أمِّ سلمة مرفوعاً.
          (وَيُقَالُ: {مَسْكُوبٍ} جَارٍ): أشار به إلى ما في قوله تعالى: {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} [الواقعة:31] وفسَّره بقوله: جار. وقد وصله الفِرْيابي عن مجاهد، وأراد به أنَّه قوي الجري كأنَّه يُسْكَبُ سَكباً، وقيل: المسكوب: الجاري الذي لا ينقطعُ جريانه، وقيل: الجارِي في غير الأخدود.
          (وَ{فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة:34] بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ): أشار به إلى ما في قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ. وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة:32-34] وفسَّر قوله: مرفوعة بقوله: بعضها فوقَ بعض، وقد وصله الفريابيُّ عن مجاهد أيضاً.
          وقال أبو عُبيدة في ((المجاز)): المرفوعةُ: العالية، يقال: بناءٌ مرفوعٌ؛ أي: عال. وروى ابن حبَّان والتِّرمذي من حديث أبي سعيد الخُدري ☺ في قوله تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: ارتفاعها مسيرةُ خمسمائة عام.
          قال القرطبيُّ: معناه: أنَّ الفُرش في الدَّرجة، وهذا القدر ارتفاع الدَّرجة. قال: وقيل: المراد بالفرش المرفوعة: النِّساء المرتفعات القدر لحسنهنَّ وجمالهنَّ.
          ({لَغْواً}: بَاطِلاً {تَأْثِيماً}: كَذِباً) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً} [الواقعة:25] وفسَّر اللَّغو بالباطل، والتَّأثيم بالكذب. وقد وصلَه أيضا الفِرْيابي عن مجاهد كذلك، ويقال: التَّأثيم نسبة إلى الإثم؛ أي: لا يقال لهم أثمتُم.
          ({أَفْنَانٍ}: أَغْصَانٍ) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن:48] وفسَّر الأفنان: بالأغصان، وكذا فسره عكرمة. /
          وفي ((تفسير النَّسفي)): الأفنان: جمع فن، وهو من قولهم: أفنن فلان في حديثه: إذا أخذَ في فنون. وعن مجاهد: أفنان: أغصان، واحدها: فنن. وصل ذلك الطَّبري عنه. وعن عكرمة: ظِلُّ الأغصانِ على الحيطان. وعن الحسن: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} ذواتا ظلال، وخصَّ الأفنان بالذِّكر؛ لأنَّها الغِصَنَةُ التي تتشعَّب من فروع الشَّجرة التي تُوْرق وتُثْمر، فمنها تمتدُّ الظِّلال، ومنها تجتنى الثِّمار. وعن الضَّحَّاك: أفنان يعني: ألوان من الفواكه، وواحدها: فنن، كما مرَّ.
          ({وَجَنَى الْجَنتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:54] مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ مِنْهَا): أشار به إلى ما في قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:54] وفسَّر {جَنَى} بما يجتنى. و{دَانٍ} بقوله: قريب منها؛ أي: من الفرش. وصل ذلك الطَّبري عن مجاهد.
          وفي ((تفسير النَّسفي)): {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ}: ثمرها دان قريب ينالها القائم والقاعد والنَّائم؛ أي: المضطجع.
          ({مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن:64] سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ): أشار به إلى ما في قوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ. فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. مُدْهَامَّتَانِ}(8) [الرحمن:62-64] يعني: ومن دون الجنَّتين الأوليين الموعودتين لمن خاف مقام ربِّه أخريان مدهامتان، وفسَّرها بقوله: سوداوان من الرِّيِّ، وكذا رُوِيَ عن مجاهد، وصله الفريابي عنه. وقال الفرَّاء: مدهامتان يعني: خضراوان إلى السَّواد من الرِّيِّ. وعن عطيَّة: كادتا أن تكونا سوداوين من شدَّة الريِّ وهما خضراوان.
          وفي ((تفسير النَّسفي)): مدهامتان: ناعمتان سوداوان من ريهما وشدَّة خضرتهما؛ لأن الخضرة إذا اشتدَّت قربت إلى السَّواد، والدهمة: السَّواد الغالب.


[1] في هامش الأصل: الشوار: متاع البيت، والشوار: اللباس والهيئة.
[2] في هامش الأصل: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} [النبأ: 31] فوزاً أو موضع فوز {حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً} [النبأ: 32] بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة بدل من مفازاً بدل الاشتمال أو البعض {وَكَوَاعِبَ} نساء فلكت ثديهن {أَتْرَاباً} [النبأ: 33] لدات أي: مستويات في الميلاد {وَكَأْساً دِهَاقاً} [النبأ: 34] ملآن وأدهق الحوضَ: ملأه. منه.
[3] في هامش الأصل: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيْقٍ} شراب خالص {مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 25-26] أي: مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ولعله تمثيل لنفاسته أو الذي له ختام أي: مقطع هو رائحة المسك. منه.
[4] في هامش الأصل: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27] علم لعين بعينها سميت تسنيماً لارتفاع مكانها أو رفعة شرابها {عَيْنَاً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 28] فإنهم يشربونها صرفاً لأنهم لم يشتغلوا بغير الله ويمزج لسائر أهل الجنة وانتصاب عيناً على المدح، أو الحال من تسنيم، والباء في بها لتضمين معنى الالتذاذ أي ملتذين بها، وقيل: زائدة، وقيل بمعنى من. منه.
[5] في هامش الأصل: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ} للخدمة {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: 17] مبقون أبداً على هيئة الولدان وطراوتهم {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} حال الشرب وغيره والكوب إناء لا عروة له ولا خرطوم، والإبريق: إناء له ذلك، {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِيْنٍ} [الواقعة: 18] من خمر {لَا يَصَدَّعُونَ عَنْهَا} بخمار {وَلَا يَنْزِفُونَ} [الواقعة: 19] ولا تنزف عقولهم أو لا ينفد شرابهم {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} [الواقعة: 20] أي: يختارون {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 21] يتمنون. منه.
[6] في هامش الأصل: {وَأَصْحَابُ اليَمِيْنِ مَا أَصْحَابُ اليَمِينِ} [الواقعة: 27] وجملة {مَا أَصْحَابُ اليَمِينِ} استفهامية خبر للمبتدأ بإقامة الظاهر مقام المضمر ومعناها التعجب من أصحاب اليمين {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة: 28] لا شوك له، من خَضَدَ الشوكَ إذا قطعه، أو مثني أغصانه من كثرة حَمْله، من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب، {وَطَلْحٍ} وشجر موز أو أم غيلان، وله أنوار كثيرة طيبة الرَّائحة {مَنْضُودٍ} [الواقعة: 29] نُضِّدَ حَمْلُه من أسفلهِ إلى أعلاه {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] منبسط لا يتقلَّص ولا يتفاوت {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} [الواقعة: 31] يسكبُ لهم أين شاؤوا وكيف شاؤوا بلا تعب أو مصبوب سائل. منه.
[7] في هامش الأصل: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيْرةٍ} [الواقعة: 32] كثيرة الأجناس {لَا مَقْطُوعَةٍ} لا تنقطع في وقت {وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 33] لا تمنع من متناولها بوجه {وَفُرْشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34] رفيعة القدر أو منضدة مرتفعة وقيل: الفرش: النساء وارتفاعها أنها على الأرائك ويدل عليه قوله: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: 35] أي: ابتدأناهن ابتداء جديداً من غير ولادة إبداء وإعادة. وفي الحديث: هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطاً رُمْصَاً جَعَلَهن الله بعد الكِبَر أتراباً على ميلادٍ واحد كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً، والشمطاء التي بياض شعرها يخالط بسوادها، والرَّمصاء: التي يجتمع الوسخ في موقها {فَجَعَلْنَاهُنَ أَبْكَاراً.عُرْباً} [الواقعة: 36-37] متحبِّبات إلى أزواجهنَّ {أَتْرَاباً} [الواقعة: 37] فإن كلهن بنات ثلاث وثلاثين وكذا أزواجهنَّ {لِأَصْحَابِ اليَمِينِ} [الواقعة: 38] متعلِّق بأنشأنا أو جعلنا، أو صفة لأبكاراً، أو خبر لمحذوفٍ مثل هنَّ. منه.
[8] في هامش الأصل: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] أي: ومن تينك الجنتين الموعودتين لمن خاف مقام ربه؛ أي: موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب أو قيامه على أحواله؛ أي: حفظه لها من قام عليه إذا راقبه، قيل: هاتان الجنتان لمن دون الخائفين المقربين من أصحاب اليمين {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] خضراوان تضربان إلى السواد من شدة الخضرة، وفيه: إشعار بأن الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض، وعلى الأوليين الأشجار والفواكه دلالة على ما بينهما من التفاوت. منه.