نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إذا استأجر أجيرًا على أن يقيم حائطًا يريد أن ينقض جاز

          ░7▒ (بابٌ) بالتنوين (إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيراً عَلَى أَنْ يُقِيمَ حَائِطاً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) أي: يسقطـ ونسبة الإرادة إلى الحائط مجازية. وفي «الكشاف»: استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة، كما استعير / الهم والعزم لذلك، وقد أطال الزَّمخشريُّ في هذا المبحث، يقال: انقض الطَّائر سقط من الهواء بسرعة.
          (جَازَ) جواب إذا، وقال ابن التِّين: تبويب البخاري يدلُّ على أنَّ هذا جائز لجميع النَّاس، وإنَّما كان ذلك للخَضِرِ ◙ خاصة، ولعل البخاريَّ أراد أنَّه يبني له حائطاً من الأصل أو يصلح له حائطاً انتهى.
          وقال العَيْنِيُّ: ينبغي أن يكون هذا جائزاً لجميع النَّاس وتخصيصه بالخضر لا دليل عليه، ووجه ذلك على العموم: أنَّ حائط رجل إذا أشرف على السُّقوط فخيف من سقوطه فاستأجر أحداً يعلِّقه حتَّى لا يسقط فإنَّه يجوز بلا خلاف، ثم بعد التَّعليق إمَّا أن يرمه ويقطع عيبه أو يهده ويبنيه جديداً.
          وقال المهلَّب: إنَّما جاز الاستئجار عليه لقول موسى ◙: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} [الكهف:77]، والأجر لا يؤخذ إلَّا على عمل معلوم، وإنَّما كان يكون له الأجر لو عامله عليه قبل عمله، وأمَّا بعد أن أقامه بغير إذن صاحبه فلا يجبر صاحبه على غرم شيءٍ.
          وقال ابن المنذر: فيه جواز الاستئجار على البناء، وقال الحافظ العسقلانيُّ: وإنَّما يتم الاستدلال بهذه القصَّة أعني قصة موسى والخضر ♂ إذا قلنا إنَّ شرع من قبلنا شرع لنا لقول موسى ◙: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} [الكهف:77] ؛ أي: لو شارطت على عمله بأجرةٍ معينة لنفعنا ذلك.
          وقال ابن المنيِّر: وقصد البخاري أنَّ الإجارة تضبط بتعيين العمل كما تضبط بتعيين الأجل.