نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث ابن عباس: أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين

          1198- (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنيسي (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنْ مَخْرَمَةَ) بفتح الميم والراء وسكون الخاء المعجمة بينهما (ابْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ) بصيغة التَّصغير (مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (أَنَّهُ أَخْبَرَهُ) أي: أنَّ مخرمة أخبر كُريباً أو أنَّ كُريباً أخبره مخرمة.
          (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّهُ بَاتَ) ليلة (عِنْدَ مَيْمُونَةَ) الهلاليَّة (أمِّ الْمُؤْمِنِينَ ♦، وَهْيَ خَالَتُهُ، قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الْوِسَادَةِ) بفتح العين على المشهور.
          (وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم وَأَهْلُهُ) أي: زوجته ميمونة ♦ (فِي طُولِهَا) أي: في طول الوسادة (فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ) أي: قبل انتصافه (بِقَلِيْلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم فَجَلَسَ) أي: على فراشه (فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ) بالإفراد، وفي رواية: <بيديه> بالتثنية؛ أي: مسح بهما عينيه، وهو من باب إطلاق الحال، وهو النَّوم على المحلِّ، وهو العين إذ النَّوم لا يمسح.
          (ثُمَّ قَرَأَ) صلعم (الْعَشْرَ آيَاتٍ) بإسقاط لام التَّعريف، وفي رواية: <العشر الآيات> باللام (خَوَاتِيمَ) بالمثناة التحتية بعد الفوقية، ويروى: <خواتم> بإسقاط التحتية.
          (سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران:190] إلى آخر السُّورة (ثُمَّ قَامَ) صلعم (إِلَى شَنٍّ) بفتح المعجمة وتشديد النون؛ أي: قربة خَلِقة (مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ) بأن أتى بواجباته وبمندوباته (ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي) صلاة التَّهجُّد.
          (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ☻ : فَقُمْتُ، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ) من قراءة العشر الآيات والوضوء، (ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم / يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى) حال كونه.
          (يَفْتِلُهَا) بكسر المثناة الفوقية؛ أي: يدلكها، وذلك لينبِّهه عن غفلة أدب الاهتمام، وهو القيام على يمين الإمام إذا كان وحده أو ليؤنسه لكون ذلك كان ليلاً، وفي باب «التَّخفيف في الوضوء»: ((فحولني فجعلني عن يمينه)) [خ¦138].
          قال ابن بطَّال: استنبط البخاريُّ من هذا أنَّه لما جاز للمصلِّي أن يستعين بيده في صلاته فيما يختصُّ بغيره كانت استعانته في أمر نفسه ليتقوى بذلك على صلاته، وينشط لها إذا احتاج إليه أولى.
          (فَصَلَّى) صلعم (رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ) والجملة ثنتا عشرة ركعةً (ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) سنة الفجر ولم يتوضأ؛ لأنَّ عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فلا ينتقض وضوءه.
          (ثُمَّ خَرَجَ) صلعم إلى المسجد (فَصَلَّى الصُّبْحَ) ورجال إسناد هذا الحديث مدنيُّون.
          وقد أخرج متنه المؤلف في اثني عشر موضعاً [خ¦117] [خ¦138] [خ¦183] [خ¦697] [خ¦699] [خ¦726] [خ¦728] [خ¦859] [خ¦992] [خ¦1198] [خ¦4569] [خ¦4571] [خ¦4572] [خ¦5919] [خ¦6215] [خ¦6316] [خ¦7452]، وقد تقدَّم ما يتعلق به مستوفى [خ¦992].