نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم بأمر ينزل به

          ░6▒ (بابٌ: مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى) بفتح القافين بينهما هاء ساكنة وبفتح الراء مقصوراً / قال ابن الأثير: هو المشي إلى خلف من غير أن يعيدَ وجهه إلى جهة مشيه، وقال الجوهريُّ: هو الرُّجوع إلى خلفٍ، فإذا قلت: رجعت القهقرى، فكأنَّك قلت: رجعت الرُّجوع الذي يعرف بهذا الاسم؛ لأنَّ القهقرى ضربٌ من الرُّجوع، فعلى هذا انتصابه على المصدريَّة من غير لفظه.
          (فِي صَلاَتِهِ) وفي رواية: <في الصَّلاة> (أَوْ تَقَدَّمَ) أي: تقدَّم المصلِّي إلى قدام (بِأَمْرٍ) أي: بسبب أمر (يَنْزِلُ بِهِ) أي: لأجله.
          (رَوَاهُ) أي: كلُّ واحدٍ من رجوع المصلِّي القهقرى، وتقدَّمه لأمرٍ ينزل به (سْهَلُ بنُ سَعْدٍ) المذكور آنفاً ☺ [خ¦1204] (عنِ النَّبِيِّ صلعم ) وذلك ما أخرجه المؤلِّف ☼ في باب «الصَّلاة في المنبر والسُّطوح»، في أوائل كتاب «الصَّلاة» [خ¦377] قال: حدَّثنا علي بن عبد الله قال: حدَّثنا سفيان _يعني: ابن عيينة_ قال: حدَّثنا أبو حازم قال: سألوا سهل بن سعدٍ: من أيِّ شيءٍ المنبر؟ فقال: ما بقي له بالنَّاس أعلم منِّي هو من أثل الغابة (1) عَمِله فلان مولى فلانة لرسول الله صلعم ، فقام عليه رسول الله صلعم حين عمل، ووضع فاستقبل القبلة كبَّر وقام النَّاس خلفه، فقرأ وركع وركع النَّاس، ثمَّ رفع رأسه ثمَّ رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثمَّ عاد إلى المنبر، ثمَّ قرأ ثمَّ ركع ثمَّ رفع رأسه، ثمَّ رجع القهقرى حتَّى سجد بالأرض.
          وما قاله الحافظ العسقلانيُّ من أنَّه يشير بذلك إلى حديثه الماضي قريباً [خ¦1201] ففيه: «فرفع أبو بكرٍ يده فحمد الله، ثمَّ رجع القهقرى». وأمَّا قوله: «أو تقدم» فهو مأخوذٌ من الحديث أيضاً، وذلك أنَّ النَّبي صلعم وقف في الصفِّ الأوَّل خلف أبي بكرٍ ☺ على إرادة الائتمامِ به، فامتنع أبو بكر ☺ من ذلك، فتقدَّم النَّبي صلعم ، ورجع أبو بكرٍ من موقف الإمام إلى موقف المأموم.
          فتعقَّبه العينيُّ بأنَّه يردُّه الضَّمير المنصوب في «رواه»، فليتأمَّل.


[1] في هامش الأصل: الغابة: اسم موضع على تسعة أميال من المدينة، وأما الأثل بالتحريك فهو نوع من الشجر يقال له: طَرْفاء من شجر البادية. منه.