نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد

          ░29▒ (بابٌ) بالتنوين (مَنْ قَالَ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ) على الله ╡ (أَمَّا بَعْدُ) أي: فقد أصاب السنَّة، أو كلمة «من» موصولة مضافٌ إليها للباب فيكون «بابُ» غير منوَّن، وكان البخاريُّ ☼ لم يجدْ في صفة خطبة النَّبيِّ صلعم يوم الجمعة حديثاً على شرطه فاقتصرَ على ذكر الثَّناء، واللَّفظ الذي وُضِعَ للفصلِ بينه وبين ما بعدَه من موعظةٍ ونحوها.
          قال أبو إسحاق: إذا كان رجلٌ في حديثٍ وأراد أن يأتيَ بغيره، قال: أمَّا بعدُ، ببناء «بعدُ» على الضم، وأجاز الفرَّاء: أمَّا بعداً _بالنصب والتنوين_، وأما بعدٌ _بالرفع والتنوين_.
          وأجاز هشام: أمَّا بعدَ _بفتح الدال_ والمشهور هو الأوَّل.
          واختُلِف في أوَّل من قالها، فقيل: داود ╕. رواه الطبرانيُّ مرفوعاً من حديث أبي موسى الأشعريِّ ☺، وفي إسناده ضعفٌ، وأنَّه فصل الخطاب الذي آتاه الله تعالى. وقيل: قسُّ بن ساعدة، وقيل: يعرب بن قحطان، وقيل: كعب بن لؤيٍّ جدُّ النبيِّ صلعم ، وقيل: سحبان بن وائل.
          وفي «غرائب مالك» للدارقطنيِّ بسندٍ ضعيفٍ: لما جاء ملك الموت إلى يعقوب ╕، قال يعقوب في جملة كلامه: أمَّا بعد، إنَّا أهل بيت موكلٌ بنا البلاء.
          وذكر الحافظ أبو محمَّد عبد القادر بن عبد الله الرَّهاويُّ: أنَّ جماعةً من الصَّحابة ♥ . رووا هذه اللَّفظة من سيِّدنا رسول الله صلعم منهم: سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وأبو سعيد الخدريُّ وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عَمرو وعبد الله بن عبَّاسٍ وغيرهم ممَّن ذكرهم العيني ♥ .
          (رَوَاهُ) أي: روى قول: «أمَّا بعد» في الخطبة (عِكْرِمَةُ) مولى ابن عبَّاس (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) وهذا التَّعليق وصله المؤلِّف ☼ في آخر هذا الباب: عن إسماعيل بن أبان، عن ابن الغسيل، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس ☻ قال: صعدَ النبيُّ صلعم المنبر. الحديث [خ¦927].