نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا اشتد الحر يوم الجمعة

          ░17▒ (بابٌ) بالتنوين؛ أي: هذا بابٌ ترجمته (إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) جواب «إذا» محذوف تقديره: أبرد المصلِّي بصلاتها كالظهر، وإنَّما لم يجزم بالحكم الذي يُفهم من الجواب المقدَّر؛ لكونه لم يتيقَّن أنَّ قوله في حديث أنسٍ ☺ يعني: «الجمعة» من كلام التابعيِّ أو من كلام من دونه؛ لأنَّ قول أنسٍ ☺: «كان النبيُّ صلعم إذا اشتدَّ البرد بكَّر بالصَّلاة وإذا اشتدَّ الحرُّ أبردَ بالصلاة» [خ¦906]. مطلق يتناول الظُّهر والجمعة، كما أنَّ قوله في رواية حميد عنه: كنَّا نبكر بالجمعة. مطلقٌ يتناول شدَّة الحرِّ وشدَّة البرد.
          والحاصل أنَّ النَّقل عن أنسٍ مختلف، فرواية حُميد عنه [خ¦905] تدلُّ على أنَّ التَّبكير بالجمعة مطلقاً، ورواية أبي خلدة عنه [خ¦906] تدلُّ على التَّفصيل فيها، وروايته الثَّالثة التي رواها عنه بشر بن ثابتٍ [خ¦906] تدلُّ على أنَّ هذا الحكم بالظهر، ويحصل الائتلاف بين هذه الرِّوايات بأن يقال الأصل في الظُّهر التبكير عند اشتداد البرد، والإبراد عند اشتداد الحرِّ كما دلَّت عليه الأحاديث الصَّحيحة، والأصل في الجمعة: التَّبكيرُ؛ لأنَّ يوم الجمعة يوم اجتماع النَّاس وازدحامهم فإذا أخِّرت / يشقُّ عليهم.
          وقال ابنُ قدامة: ولذلك كان صلعم يصلِّيها إذا زالت الشَّمس صيفاً وشتاءً على ميقاتٍ واحدٍ.