نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الرؤيا بالنهار

          ░12▒ (باب) حكم (الرُّؤْيَا) الواقعة (بِالنَّهَارِ) وفي رواية أبي ذرٍّ: <رؤيا النَّهار> (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ) بفتح العين المهملة وسكون الواو، هو: عبد الله (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) محمَّد (رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ) وصله علي بن أبي طالبٍ القيروانيّ في كتاب التَّعبير له من طريق مسعدة بن اليسع عن عبد الله بن عَوْن به، وثبت قوله: ((رؤيا)) الثَّاني في رواية أبي ذرٍّ عن الحموي.
          وفي «التوضيح»: قال أبو الحسن علي بن أبي طالبٍ القيروانيّ في كتابه «نور البستان وربيع الإنسان» لا فرق بين رؤيا النَّهار واللَّيل، وحكمهما واحدٌ في العبارة، وكذا رؤيا النِّساء ورؤيا الرِّجال، وقال أهل التَّعبير: / إنَّ رؤيا النَّهار بالعكس؛ لأنَّ الأرواحَ لا تجول أصلاً والشَّمس في أعلى الفلك، وذلك أنَّ قوّتها تمنع من إظهار أمرِ الأرواح وتصرّفها فيما تتصرّف فيه.
          وقيل: إنَّ رؤيا النَّهار أقوى من رؤيا اللَّيل وأتمّ في الحال؛ لأنَّ النُّور سابقٌ لكلِّ ظلمةٍ والنُّور يشرح في الضِّياء ما لا يشرح في سائر الظِّلّ، والأرواح تتعارف في الضَّوء ما لا تتعارف في غيره، وأمَّا الوقت الَّذي تكون الرُّؤيا فيه أصحُّ والَّذي تكون فيه فاسدةٌ، فقالوا: تكون صحيحةً في أيَّام الرَّبيع في نيسان وذلك وقت دخول الشَّمس في الحمل، وهو ابتداء الزَّمان الَّذي خلق فيه آدم ◙، والوقت الَّذي سلك فيه الرُّوح وهو وقتٌ تكون الرُّؤيا فيه كالأخذ باليد، كذا ذكره الإمام القسطلانيّ، والله تعالى أعلم.