إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عقبة: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم

          6590- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ) بفتح العين، الجزريُّ _بالجيم والزاي والراء_ الحرَّانيُّ، سكن مصر قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ يَزِيدَ) بن أبي حبيبٍ، أبي(1) رجاء المصريِّ (عَنْ أَبِي الخَيْرِ) مَرْثَدِ، بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة آخره دال مهملة (عَنْ عُقْبَةَ) بن عامر بن عبسٍ(2)، أبي الأسود الجهنيِّ ( ☺ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم خَرَجَ يَوْمًا) إلى البَقيع (فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ) الَّذين استشهدوا في وقعتهِ (صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ) أي: دَعا لهُم بدعاء صلاة الميِّت لا الصَّلاة على الميِّت المعهودة (ثُمَّ انْصَرَفَ) فصعدَ (عَلَى المِنْبَرِ) كالمودِّع للأحياءِ والأموات (فَقَالَ: إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي(3): ”فرطكم(4) سابقكم“ وفيه إشارةٌ إلى قُرب وفاته وتقدَّمه على أصحابه (وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ) أشهدُ عليكم بأعمالهِم، تُعرض عليَّ أعمالكم‼ (وَإِنِّي وَاللهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ) نظرًا حقيقيًا كُشف لي عنه. وقال السَّفاقسيُّ: النُّكتة في ذِكره(5) عقب التَّحذير، أي: في قوله: «وأنا شهيدٌ عليكم» الإشارة إلى تحذيرهِم من فعلِ ما يقتضِي إبعادهم عن الحوضِ (وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ _أَوْ: مَفَاتِيحَ الأَرْضِ_) بالشَّكِّ من الرَّاوي، والمراد: ما يُفتح على أمَّته من الملك والكنوز من بعدِهِ (وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي) أي: ما أخافُ على جميعكُم الإشراك بل على مجموعكُم؛ لأنَّ ذلك قد وقعَ من بعضٍ (وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا) في الخزائنِ المذكورة أو في الدُّنيا، كما في مسلمٍ، والتَّنافس: الرَّغبة في الشَّيء، وأصله: تتنافسُوا، فسقطتْ إحدى التَّاءين.
          والحديثُ سبق في «الجنائز» [خ¦1344].


[1] في (د): «بن».
[2] في (ع) و(ص) و(د): «عيسى».
[3] في (د): «والكشميهني».
[4] في (د) زيادة: «أي».
[5] في (د): «ذلك».