إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يرد على الحوض رجال من أصحابي

          6586- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ) أبو جعفرٍ المصريُّ، المعروف بابن الطَّبريِّ، كان أبوه من أهل طبرستان، قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ) عبد الله قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (يُونُسُ) بن يزيد الأيليُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ) سعيدٍ (أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم ) لم يقلْ «عن أبي هريرة» كما في الطَّريق الأولى [خ¦6585] وحاصلُه: أنَّ ابن وهبٍ وشبيب بن سعيدٍ اتَّفقا في روايتهما عن يونس، عن ابنِ شهابٍ، عن ابن المسيَّب، ثمَّ اختلفا؛ فقال شبيبٌ: عن أبي هريرة. وقال ابن وهبٍ: عن أصحاب النَّبيِّ صلعم . وهذا لا يضرُّ؛ لأنَّ أبا هريرة منهم (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: يَرِدُ عَلَيَّ) بتشديد الياء (الحَوْضَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّؤونَ) بالحاء المهملة واللام المشددة والهمزة المضمومة بعدها واو، يُطردون، ولأبي ذرٍّ: ”فيُجْلَوْن“ بالجيم والواو الساكنتين بينهما لام مفتوحة، يُصرفون (عَنْهُ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي. فَيَقُولُ) الله تعالى: (إِنَّكَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”إنَّه“ (لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ القَهْقَرَى) قال ابنُ الأثير في «نهايته»: القَهقرى: المشي إلى خلفٍ من غير أن يُعيد وجهه إلى جهةِ مَشيه. قيل: إنَّه من باب القهر، وقوله(1): إنَّهم كانوا(2) يمشون بعدك القَهقرى(3)، قال الأزهريُّ: معناه: الارتداد عمَّا كانوا عليه، وقد قَهقَر وتَقَهقَر(4)، والقَهقَرى مصدرٌ.
          (وَقَالَ شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة الحمصيُّ، ممَّا وصله الذُّهليُّ في «الزُّهريَّات» / (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ بسنده: (كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ☺ (يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه قال: (فَيُجْلَوْنَ) بسكون الجيم وفتح اللام وسكون الواو، من جلاء الوطنِ. وقال في «الفتح»: وقيل: بالخاء المعجمة المفتوحة بعدها لام ثقيلة وواو ساكنة. قال: وهو تصحيفٌ، والزُّهريُّ لم يَسمع من أبي هريرة بل كان ابن ستٍّ أو سبعٍ عند وفاةِ أبي هريرة. وقال الذَّهبيُّ: كان الزُّهريُّ يَروي عن أبي هريرة مرسلًا، وقال الحافظ ابن حجرٍ: قوله: «وقال شعيبٌ عن الزُّهريِّ» يعني: بسنده.
          (وَقَالَ عُقَيْلٌ) بضم العين، ابن خالدٍ الأيليُّ؛ يعني: عن الزُّهريِّ بسنده: (فَيُحَلَّؤونَ) بفتح الحاء المهملة واللام المشددة والهمز(5).
          (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ) بضم الزاي وفتح الموحدة وكسر الدال المهملة(6)، محمَّد بن الوليد بن عامرٍ، أبو الهذيل الشَّاميُّ الحُمصيُّ، فيما وصله الدَّارقطنيُّ في «الأفراد» من رواية عبدِ الله بن سالمٍ عنه (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ) أي: ابن الحسين بن عليِّ بنِ أبي طالبٍ القُرشيِّ الهاشميِّ المدنيِّ، أبي جعفر الباقر (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) بضم العين(7) (ابْنِ أَبِي رَافِعٍ) مولى النَّبيِّ صلعم ، وكان كاتب عليِّ بن أبي طالبٍ، واسم أبيه: أسلم‼، وفي الفرع كأصله مُضبَّب على «أبي» من قوله: «أبي رافعٍ» وهي ثابتةٌ في غيره من الأصولِ الَّتي وقفتُ عليها وكتب الرِّجال، وذَكر الجيانيُّ أنَّ في رواية القابسيِّ والأَصيليِّ عن المروزيِّ(8): ”عَبْد الله“ بفتح العين وسكون الموحدة، وهو خطأ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ).
          قال في «الكواكب»: الزُّهريُّ روى في هذا الحديث عن أبي هريرة بواسطتين، وفي السَّابق بلا واسطةٍ، فالظَّاهر أنَّ روايته عنه في السَّابق على سبيل التَّعليق. انتهى. وقد مرَّ ما فيه، والحاصلُ من رواية عُقيلٍ وشعيبٍ: المخالفة(9) في بعضِ الألفاظ، وخالفَ الجميعَ الزُّبيديُّ في السَّند. قال في «الفتح»: فيُحمل على أنَّه كان عند الزُّهريِّ بسندين(10)، فإنَّه حافظٌ وصاحبُ حديثٍ، ودلَّت رواية الزُّبيديِّ على أنَّ شبيبَ بن سعيدٍ حَفظ فيه أبا هريرة.


[1] هكذا في كلِّ الأصول، وفي النهاية وغيرها: «فيقال».
[2] «كانوا»: ليست في (ع) و(د).
[3] قال الشيخ قطَّة ⌂ : هكذا في النسخ، وانظره فإنَّ هذا اللفظ ليس في الحديث، فليتأمل.
[4] في (ص): «مقهقر».
[5] في (د): «والهمزة».
[6] «وكسر الدال المهملة»: ليست في (د).
[7] في (د) زيادة: «المهملة».
[8] في (ع): «المعزلي» وفي غير (د) و(ص) و(ع): «المقبري» والكُلُّ تصحيف.
[9] في (ص): «المحافظة».
[10] «بسندين»: ليست في (د).