إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نعم هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم

          6050- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ) قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) حفصُ بن غياث قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان (عَنِ المَعْرُورِ) بمهملات. زاد أبو ذرٍّ: ”هو ابنُ سُويد“ (عَنْ أَبِي ذرٍّ) جندبِ ابنِ جنادة ☺ (قَالَ) أي: المعرورُ بن سويد (رَأَيْتُ عَلَيْهِ) أي: على أبي ذرٍّ (بُرْدًا) بضم الموحدة وسكون الراء (وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدًا) أيضًا. قال في «المقدمة»: لم أعرف اسمَ الغلام، وقال في «الفتح» في «كتاب الإيمان» [خ¦30]: يحتمل أنَّه أبو مُرَاوِح مولى أبي ذرٍّ (فَقُلْتُ) له: (لَوْ أَخَذْتَ هَذَا) البُرْد الَّذي على غلامك (فَلَبِسْتَهُ) مع الَّذي عليك (كَانَتْ حُلَّةً) إذ الحُلَّة لا تكون إلَّا من ثوبين (وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ. فَقَالَ) أبو ذرٍّ: (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ) هو بلال المؤذِّن (كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا) أي: تكلَّمت في عرضها، وفي رواية: ”فقلت له: يا ابن السَّوداء“ (فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ) عداه بإلى لتضمُّنه معنى الشِّكاية، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”للنَّبيِّ“ ( صلعم فَقَالَ) صلعم (لِي: أَسَابَبْتَ فُلَانًا؟) بالاستفهام الإنكاري التَّوبيخيِّ (قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَنِلْتَ مِنْ) عرض (أُمِّهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّكَ) في نيلكَ من أمِّه (امْرُؤٌ) رفع خبر إنَّ، وعينُ كلمته تابعةً للامها في أحوالها الثَّلاثة (فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) أي: أخلاق أهلِ الجاهليَّة والتَّنوين للتَّقليل، قال أبو ذرٍّ ☺ : (قُلْتُ): يا رسولَ الله في جاهليَّة (عَلَى حِينِ سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ) وسقط لفظ «حين» لأبي ذرٍّ الهرويِّ (قَالَ) صلعم : (نَعَمْ) وإنَّما وبَّخه صلعم بذلك مع عظم درجتهِ تحذيرًا له أن يفعلَ مثل ذلك مرًّة أُخرى (هُمْ) الخدم سواءٌ كانوا أرقَّاء أو لا (إِخْوَانُكُمْ) في الإسلام، أو من أولادِ آدم (جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ) بالملك أو الاستئجار (فَمَنْ جَعَلَ اللهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”يديه“ (فَلْيُطْعِمْهُ) ندبًا (مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ) كذلك (مِمَّا يَلْبَسُ) فلا(1) يلزمه أن يُطعمه ولا يُلبسه من طيِّبات الأطعمةِ وفاخرِ اللِّباس‼ (وَلَا يُكَلِّفُهُ) وجوبًا (مِنَ العَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ) أي: تعجز طاقتهُ عنه (فَإِنْ كَلَّفَهُ) من العمل (مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ).
          والحديث سبق في «باب الإيمان» [خ¦30] و«العتق» [خ¦2545].


[1] في (د): «ولا».