إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد

          3140- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين، ابن خالد بن عَقيلٍ _بالفتح_ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ) بفتح الياء المُشدَّدة، سعيدٌ (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ) هو ابن نوفلٍ أنَّه (قَالَ: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ) وهو من بني عبد شمسٍ (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) زاد أبو داود والنَّسائيُّ من طريق يونس(1) عن ابن شهابٍ: «فيما قَسَمَ من الخُمُس بين بني هاشمٍ وبني المطَّلب» (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ(2) بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ) أي: في الانتساب على عبد منافٍ؛ لأنَّ عبدَ شمسٍ ونوفلًا وهاشمًا(3) والمطَّلب بَنُوه (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّمَا بَنُو المُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ) بالشِّين المُعجَمة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”سِيٌّ“ بسينٍ مُهمَلةٍ مكسورةٍ وتشديد الياء التَّحتيَّة. قال الخطَّابيُّ: وهو أجود، ولم يبيِّن وجه الأجودِيَّة. قال في «المصابيح»: والظَّاهر: أنَّهما سواءٌ، يُقال: هذا سِيُّ هذا: مثلُه ونظيرُه، وفي رواية أبي زيدٍ(4) المروزيِّ فيما(5) حكاه في «الفتح»: ”أحدٌ“ بغير واوٍ مع همزة الألف، فقيل: هما بمعنًى، وقيل: الأَحَد: الَّذي ينفرد بشيءٍ لم يشاركه فيه غيره، والواحد: أوَّل العدد، وقيل غير ذلك.
          (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”وقال“ (اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام بهذا الإسناد، ووصله في «المغازي» [خ¦4229]: (حَدَّثَنِي) / بالإفراد (يُونُسُ) بن يزيد الأيليُّ (وَزَادَ) على روايته عن عُقَيلٍ: (قَالَ جُبَيْرٌ) هو ابن مطعمٍ: (وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صلعم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ) ولابن عساكر: ”لعبد شمسٍ “ (وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ) وزاد أبو داود في رواية يونس بهذا الإسناد: «وكان أبو بكرٍ يَقْسم الخمس نحو قسم رسول الله صلعم ، غير أنَّه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلعم ، وكان عمر يُعطيهم منه وعثمان بعده» قال الحافظ ابن حجرٍ: وهذه الزِّيادة بيَّن الذُّهليُّ في «جمع حديث الزُّهريِّ» أنَّها مُدرَجةٌ من كلام الزُّهريِّ.
          (وَقَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”قال“ (ابْنُ إِسْحَاقَ) محمَّدٌ صاحب «المغازي» ممَّا وصله المؤلِّف في «التَّاريخ»: (عَبْدُ شَمْسٍ) ولأبي ذرٍّ: ”وعبد شمسٍ“ (وَهَاشِمٌ وَالمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لأُمٍّ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ) بن هلالٍ من بني سُلَيمٍ (وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لأَبِيهِمْ) واسم أمِّه واقدة _بالقاف_ بنت عديٍّ، وفي هذا‼ الحديث حجَّةٌ لإمامنا الشَّافعيِّ ☼ أنَّ سهم ذوي القربى لبني هاشمٍ وبني المطَّلب دون بني عبد شمسٍ وبني(6) نوفلٍ وإن كان الأربعة أولاد عبد منافٍ؛ لاقتصاره صلعم في القسمة على بني الأوَّلين مع سؤال بني الآخرين له كما مرَّ، ولأنَّهم لم يفارقوه في جاهليَّةٍ ولا إسلامٍ، حتَّى إنَّه لمَّا بُعِث بالرِّسالة نصروه وذبُّوا عنه؛ بخلاف بني الآخرين بل كانوا يؤذونه، والعبرة بالانتساب إلى الآباء؛ كما صرَّح به في «الرَّوضة»، أمَّا من ينتسب منهم إلى الأمَّهات فلا شيء له؛ لأنَّه صلعم لم يعط الزُّبير وعثمان مع أنَّ أمَّ كلٍّ منهما هاشميَّةٌ(7).
          لطيفةٌ: قال ابن جريرٍ(8): كان هاشمٌ تَوْأَم أخيه عبد شمسٍ، وإنَّ هاشمًا خرج ورجله(9) ملتصقةٌ برأس عبد شمسٍ، فما تخلَّص حتَّى سال بينهما دمٌ، فتفاءل النَّاس بذلك أن يكون بين أولادهما حروبٌ، فكانت وقعة بني العبَّاس مع بني أميَّة بن عبد شمسٍ سنة ثلاثٍ وثلاثين ومئةٍ من الهجرة.


[1] في (م): «يوسف» وهو تحريفٌ.
[2] في (م): «عندك» والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[3] في غير (ب) و(س): «ونوفلٌ وهاشمٌ» ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[4] في (د) و(م): «ذرٍّ» والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (6/ 282).
[5] في غير (د) و(م): «ممَّا».
[6] زيد في (ص) و(م) و(ل): «عبد»، وليس بصحيحٍ.
[7] في (م): «كلًّا منهما أمُّه هاشميَّةٌ».
[8] في (م): «حجرٍ» وليس بصحيحٍ.
[9] في (م): «ورجليه».