إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي

          1147- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ) بضمِّ الموحَّدة (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ ♦ : كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ(1) صلعم فِي) ليالي (رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) أي: غير ركعتي الفجر. وأمَّا ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عبَّاسٍ: «كان رسول الله صلعم يصلِّي في رمضان عشرين ركعةً والوتر»، فإسناده ضعيفٌ، وقد عارضه حديث عائشة هذا _وهو في «الصَّحيحين»_ مع كونها أعلمُ بحاله ╕ ليلًا من غيرها (يُصَلِّي أَرْبَعًا) أي: أربع ركعاتٍ، وأمَّا ما سبق من أنَّه كان يصلِّي مثنى مثنى، ثمَّ واحدةً، فمحمولٌ على وقتٍ آخر، فالأمران جائزان (فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ) لأنَّهنَّ في نهايةٍ من كمالِ الحسن والطُّول، مستغنياتٍ لظهور حسنهنَّ وطولهنَّ عن السُّؤال عنه والوصف (ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، قَالَتْ عَائِشَةُ) ♦ : (فَقُلْتُ) بفاء العطف على السَّابق، وفي بعضها: ”قلت“: (يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَنَامُ) بهمزة الاستفهام الاستخباريِّ (قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) ولا يُعارَض بنومه ╕ بالوادي؛ لأنَّ طلوع الفجر متعلِّقٌ بالعين لا بالقلب، وفيه دلالةٌ على كراهة النَّوم قبل الوتر؛ لاستفهام عائشة عن(2) ذلك؛ كأنَّه(3) تقرَّر عندها منع ذلك فأجابها بأنَّه صلعم ليس هو في ذلك كغيره.
          وهذا الحديث أخرجه في أواخر «الصَّوم» [خ¦2013] وفي «صفة النَّبيِّ صلعم » [خ¦3569]، ومسلم في «الصَّلاة»، وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ.


[1] في (د): «النَّبيِّ».
[2] «عن»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[3] في (ب) و(د): «لأنه».