إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قام النبي يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة

          978- 979- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، وللأَصيليِّ وابن عساكر: ”حدَّثنا“ (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ نَصْرٍ) السَّعديُّ البخاريُّ، وسقط للأَصيليِّ «بن إبراهيم بن نصرٍ» (قَالَ: حَدَّثَنَا / عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن همَّامٍ، صاحب «المُسنَد» و«المُصنَّف» (قَالَ: حَدَّثَنَا) وللأربعة: ”أخبرنا“ (ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباحٍ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريِّ ☺ (قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ صلعم يَوْمَ) عيد (الفِطْرِ فَصَلَّى، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ) من الخطبة (نَزَلَ) أي: انتقل كما مرَّ في «باب المشي والرُّكوب إلى صلاة العيد، والصَّلاة‼ قبل الخطبة» [خ¦958] (فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ) بتشديد الكاف (وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ، وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ) نُصِبَ على المفعولية، وجُوِّز إضافة «باسط» (يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ) وللأَصيليِّ: ”صدقةً“. قال ابن جُريجٍ بالإسناد السَّابق: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ): أكانت الصَّدقة (زَكَاةَ يَوْمِ الفِطْرِ؟) ولأبي ذَرٍّ: ”زكاةُ“ بالرَّفع، أي: أهي زكاة الفطر؟ (قَالَ) عطاءٌ: (لَا، وَلَكِنْ) كانت (صَدَقَةً) ويجوز الرَّفع خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: ولكن هي صدقةٌ (يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ) بها (تُلْقِي) النِّساء، بضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة وسكون اللَّام وكسر القاف، من الإلقاء (فَتَخَهَا) بفتح الفاء والمُثنَّاة والمعجمة، منصوبًا على المفعوليَّة لـ «تلقي»، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فَتَخَتَها“ بفتحاتٍ وزيادة تاء التَّأنيث، والفتخة: حلقةٌ من فضَّةٍ لا فصَّ لها (وَيُلْقِينَ) كلَّ نوعٍ من حليِّهنَّ، وكرَّر الإلقاء لإفادة العموم. قال ابن جريجٍ بالإسناد المذكور أيضًا(1): (قُلْتُ) لعطاءٍ: (أَتُرَى) بضمِّ التَّاء، كما في «اليونينيَّة»، وضبطه البرماويُّ بفتحها (حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ؟) إشارةٌ إلى ما ذكر من أمرهنَّ بالصَّدقة (وَيُذَكِّرُهُنَّ) ولأبي ذَرٍّ: ”يُذَكِّرهنَّ“ بغير واوٍ، وللأَصيليِّ: ”يأتيهنَّ ويذكِّرهنَّ؟“ (قَالَ) ابن جريجٍ: (إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ لَا يَفْعَلُونَهُ؟ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ) هو ابن يَنَّاقَ المكِّيُّ، أي: بالإسناد المذكور، وللأَصيليِّ وابن عساكر: ”وأخبرني حسنٌ“ (عَنْ طَاوُسٍ) هو ابن كيسان (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ قَالَ: شَهِدْتُ الفِطْرَ) أي: صلاته (مَعَ النَّبِيِّ صلعم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ♥ ) فكلهم كانوا (يُصَلُّونَهَا) أي: صلاة الفطر (قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يُخْطَبُ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح(2) الطَّاء مبنيًّا للمفعول، أو بالفتح والضَّمِّ للفاعل، أي: يخطب كلٌّ منهم (بَعْدُ) مبنيًّا على الضَّمِّ لقطعه عن الإضافة، أي: بعد الصَّلاة. قال ابن عبَّاسٍ: (خَرَجَ النَّبِيُّ صلعم ) وقِيلَ: أصله: «وخرج» بالواو المُقدَّرة، وفي «تفسير سورة الممتحنة» [خ¦4895] من وجهٍ آخر عن ابن جريجٍ: ”فنزل نبيُّ الله صلعم “، ولابن عساكر: ”ثمَّ يخطب بعد خروج النَّبيِّ صلعم “ أي: بعد الوقت الَّذي كان يخرج فيه (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجْلِسُ) بضمِّ أوَّله وسكون الجيم من الإجلاس، ولأبي ذَرٍّ: ”يُجَلِّس“ بفتح الجيم وتشديد اللَّام من التَّجليس، أي: يجلِّس الرِّجال (بِيَدِهِ) أي(3): يشير بيده أمرهم بالجلوس لينتظروه حتَّى يفرغ ممَّا يقصده، ثمَّ ينصرفوا جميعًا (ثُمَّ أَقْبَلَ) ╕ (يَشُقُّهُمْ) أي: صفوف الرِّجال الجالسين (حَتَّى أتى النِّسَاءَ) والَّذي في «اليونينيَّة»: ”حتَّى جاء النِّساء“ (مَعَهُ بِلَالٌ) جملةٌ حاليَّةٌ، بغير واوٍ (فَقَالَ) ╕ تاليًا هذه الآية‼: ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}... الآيَةَ[الممتحنة:12]) ليذكِّرهنَّ البيعة الَّتي وقعت بينه وبين النِّساء لمَّا فتح مكَّة على الصَّفا، وذكر لهنَّ(4) ما ذُكِرَ في هذه الآية (ثُمَّ قَالَ) ╕ (حِينَ فَرَغَ مِنْهَا) أي: من قراءة الآية: (آنتنَّ عَلَى ذَلِكِ) بكسر الكاف، قال في «المصابيح»: وهذا ممَّا وقع فيه «ذلكِ» بالكسر موقع: «ذلكنَّ»، والإشارة إلى ما ذُكِرَ في الآية. (قَالَتِ امْرَأَةٌ) ولأبي ذَرٍّ ”فقالت امرأةٌ واحدةٌ“ (مِنْهُنَّ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا(5): نَعَمْ) نحن على ذلك (لَا يَدْرِي حَسَنٌ) هو ابن مسلمٍ، الرَّاوي عن طاوسٍ(6) (مَنْ هِيَ) المجيبة؟ قِيلَ: يُحتمَل أنَّها أسماء بنت يزيد لرواية البيهقيِّ: أنَّها خرجت مع النِّساء، وأنَّه صلعم قال: «يا معشر النِّساء إنَّكنَّ أكثر حطب جهنَّم»، قالت: فناديت: يا رسول الله _وكنت عليه جريئةً_ ولِمَ يا رسول الله؟ قال: «لأنَّكنَّ تكثرن اللَّعن، وتكفرن العشير...» الحديث؛ لأنَّ القصَّة واحدةٌ، فلعلَّ بعض / الرُّواة ذكر ما لم يذكره الآخر، فالله أعلم. (قَالَ) ╕ : (فَتَصَدَّقْنَ) الفاء يجوز أن تكون للسَّببيَّة، وأن تكون في(7) جواب شرطٍ محذوفٍ، أي: إن كنتنَّ على ذلك فتصدَّقن (فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ، ثُمَّ قَالَ) أي: بلالٌ: (هَلُمَّ، لَكُنَّ فِدَاءٌ) بكسر الفاء مع المدِّ والقصر والرَّفع، خبرٌ لقوله: (أَبِي وَأُمِّي) عطفٌ عليه، والتَّقدير: أبي وأمِّي فداءٌ(8) لَكُنَّ، ويجوز النَّصب (فَيُلْقِينَ) بضمِّ الياء من الإلقاء، أي: يرمين (الفَتَخَ وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ).
           (قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: الفَتَخُ: الخَوَاتِيمُ العِظَامُ) الَّتي (كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ) قال ثعلبٌ: إنَّهنَّ(9) كنَّ يلبسنها في أصابع الأرجل(10).


[1] «أيضًا»: ليس في (ب) و(س).
[2] في (د): «وبفتح».
[3] زيد في (ب): «حين».
[4] في (ب): «ذكرهنَّ».
[5] زيد في (ص): «قال».
[6] في (د): «عطاء»، وليس بصحيحٍ.
[7] «في»: مُثبتٌ من (م).
[8] في غير (ب) و(س): «مُفدَّى».
[9] «إنَّهنَّ»: ليس في (ص).
[10] في (م): «الرِّجل».