إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب التبكير للعيد

          ░10▒ (بابُ التَّبْكِيرِ لِلعِيدِ) أي: لصلاة العيد، والتَّبكير بتقديم المُوحَّدة على الكاف، من بكَّر إذا بادر وأسرع، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”التَّكبير“ بتأخير المُوحَّدة بعد الكاف، وعزاها العينيُّ _كالحافظ ابن حجرٍ(1)_ للمُستملي، قال: وهو تحريفٌ.
           (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُسْرٍ) بضمِّ المُوحَّدة وإسكان المُهمَلة، المازنيُّ السُّلَميُّ، الصَّحابيُّ ابن الصَّحابيِّ(2)، آخر من مات من الصَّحابة بالشَّام فجأةً، سنة ثمانٍ وثمانين، ممَّا وصله أحمد من طريق خُمَيْرٍ، بضمِّ الخاء المعجمة مُصغَّرًا، قال: «خرج عبد الله بن بُسْرٍ مع النَّاس يوم عيد فطرٍ أو أضحًى، فأنكر إبطاء الإمام، وقال»: (إِنْ كُنَّا فَرَغْنَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ) في رواية أحمد المذكورة: إن كنَّا مع النَّبيِّ صلعم قد فرغنا، فصرَّح برفعه، وأثبت «قد»، وهي ساقطةٌ من البخاريِّ كما في «اليونينيَّة» وعند الحافظ بن حجرٍ في «فتح الباري» والعلَّامة العينيِّ في «شرحه»، نعم في كلام البرماويِّ والزَّركشيِّ ما يدلُّ على ثبوتها، ولا مانع من ثبوتها في بعض الأصول تبعًا لأصل التَّعليق عند أحمد، لكنَّهما حكيا أنَّ الصَّواب: لقد فرغنا، بإثبات اللَّام الفارقة، وتعقَّب ذلك العلَّامة البدر الدَّمامينيُّ بأنَّها إنَّما تكون لازمةً عند خوف اللَّبس، قال ابن مالكٍ: فإن أُمِن اللَّبس لم يلزم(3) كقراءة أبي رجاءٍ: ▬وَإِن كُلٌّ(4) لِمَا مَتاعُ الحياةِ الدُّنيا↨ [الزخرف:35] بكسر اللَّام. ومنه: «إن كان رسول الله صلعم يحبُّ التَّيمُّن» [خ¦426] و«إن كان من أحبِّ النَّاس إليَّ» [خ¦3730] وغير ذلك. انتهى. و«إنْ» في قوله: «إنْ كنَّا» هي المُخفَّفة من الثَّقيلة، واسمها: ضمير الشَّأن (وَذَلِكَ) أي: وقت الفراغ (حِينَ التَّسْبِيحِ) أي: وقت صلاة السُّبحة، وهي النَّافلة، إذا مضى وقت الكراهة، وفي روايةٍ صحيحةٍ للطَّبرانيِّ: «وذلك حين تسبيح الضُّحى» واختُلِف في وقت الغدوِّ إليها، ومذهب الشَّافعيَّة والحنابلة أنَّ المأموم يذهب بعد صلاة الصُّبح، وأمَّا الإمام فعند إرادة الإحرام بها للاتِّباع، رواه الشَّيخان. وعند(5) المالكيَّة: بعد طلوع الشَّمس، في حقِّ الإمام والمأموم، أمَّا الإمام فلفعله ╕ وأمَّا المأموم فلفعل ابن عمر، ووقتها عند الشَّافعيَّة ما بين طلوع الشَّمس وزوالها وإن كان فعلُها عقب(6) الطُّلوع مكروهًا لأنَّ مبنى المواقيت على أنَّه إذا خرج وقت صلاةٍ دخل وقت غيرها، وبالعكس، لكنَّ الأفضل إقامتها من ارتفاعها قِيْدَ رُمحٍ للاتِّباع، وليخرج وقت الكراهة، وللخروج من الخلاف. وقال المالكيَّة والحنفيَّة والحنابلة: من ارتفاع الشَّمس قِيْدَ رُمحٍ إلى الزَّوال. لنا: ما سبق عن / عبد الله‼ بن بُسْرٍ حيث قال: إنْ كنَّا قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك حين صلاة التَّسبيح. واحتجَّ الثَّلاثة بفعله ╕ ، ونهيه عن الصَّلاة وقت طلوع الشَّمس، وأجابوا عن حديث ابن بُسْرٍ هذا بأنَّه كان قد(7) تأخَّر عن الوقت بدليل ما تواتر عن غيره، وبأنَّ الأفضل ما عليه الجمهور، وهو فعلها بعد(8) الارتفاع قيد رُمحٍ، فيكون ذلك الوقت أفضل بالإجماع، وهذا الحديث لو بقي على ظاهره لدلَّ على أنَّ الأفضل خلافه.


[1] «ابن حجرٍ»: ليس في (د).
[2] «ابن الصَّحابيِّ»: ليس في (د).
[3] في (د): «لم تُذكَر».
[4] في (ص): «كان»، وهو تحريفٌ.
[5] في غير (د) و(م): «قال».
[6] في غير (د) و(س): «قبل»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[7] «قد»: ليس في (د).
[8] في (د): «وقت».